:Uncategorizedأخبار وآراءمقالات

السميع البصير

السميع البصير
بقلم : أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

السميع والبصير اسمان من أسماء الله (عز وجل) الحسنى، فهو سميع بصير بما يليق بذاته وكماله: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الشورى: 11)، يسمع مناجاة من ناجاه، ويجيب دعاء من دعاه، فمن معاني السميع المستجيب للدعاء، المدرك لدقائق الأمور مهما دقت، حيث يقول سبحانه على لسان سيدنا زكريا (عليه السلام): “هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ ‌سَمِيعُ ‌الدُّعَاءِ” (آل عمران: 38)، وعلى لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي ‌لَسَمِيعُ ‌الدُّعَاءِ” (إبراهيم: 39)، ويقول سبحانه: “مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (المجادلة: 7)، وهو بصير بأمور خلقه كلها، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، حيث يقول سبحانه لسيدنا موسى وأخيه هارون (عليهما السلام): “لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى” (طه: 46)، ومن أيقن أن الله يسمعه ويراه وهو معه أينما كان وجب عليه حسن مراقبته سبحانه وتعالى في السر والعلن.
ومن المواضع التي اقترن فيها اسمه (عز وجل) السميع باسمه (عز وجل) البصير قوله سبحانه: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء: 1)، وقوله تعالى: “وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (غافر: 20)، وقوله (عز وجل): “إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (غافر: 56)، وقوله سبحانه: “فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الشورى: 11).
واقترن اسمه (عز وجل) السميع باسمه (عز وجل) العليم في مواضع عديدة منها قوله سبحانه: “قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الأنبياء: 4)، وقوله تعالى: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (البقرة: 127)، وقوله سبحانه: “فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (البقرة: 137)، وقوله تعالى: “إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (آل عمران: 35)، وقوله (عز وجل): “قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (المائدة: 76)، وقوله سبحانه: “وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (الأنعام: 115)، وقوله تعالى: “فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (يوسف: 34).
وقد استنكر سيدنا إبراهيم (عليه السلام) على قومه عبادة من لا يسمع ولا يبصر، فمن لا يسمع ولا يبصر لا يتصور أن يجيب، وعليه جاء قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): “هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ” (الشعراء: 72-73)، وقوله (عليه السلام) لأبيه: “يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا ‌يَسْمَعُ ‌وَلَا ‌يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا” (مريم: 42)، فإذا كانت آلهتهم لا تسمع أصلًا فلا يمكن أن يتصور أن تجيب أحدًا.
أما السميع البصير العليم فهو المستحق للعبادة والتقديس، ولما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه يرفعون أصواتهم في الدعاء قال لهم (صلى الله عليه وسلم): “ارْبَعُوا علَى أنْفُسِكُمْ؛ إنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولَا غَائِبًا؛ إنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وهو معكُمْ” (صحيح البخاري).

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى