:أهم الأخبارمقالات

حديث الجمعة سلوكياتنا في الشهر الفضيل أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

حديث الجمعة
سلوكياتنا في الشهر الفضيل
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

رمضان شهر مكارم الأخلاق ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ” (صحيح البخاري) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ” (صحيح البخاري) ، ولما ذكروا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امرأة صوامة قوامة غير أنها تؤذي جيرانها ، قال (صلى الله عليه وسلم) : “هي في النار” (الأدب المفرد) ، فالصائم الحقيقي لا يؤذي أحدًا ، ولا يأكل حرامًا ، ولا يكذب ، ولا يغش ، ولا يغدر ، ولا يخون.
ثم إن الصيام عن الحلال يتناقض غاية التناقض مع أكل الحرام ، إذ كيف لمن صام عما أحل الله طواعية أن يفطر على ما حرم الله ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ” (صحيح ابن حبان) .
وقد يتناسى الإنسان أن الاستغلال والجشع والاحتكار أكل للسحت ولأموال الناس بالباطل، ورب العزة (عز وجل) يحذرنا من أكل الحرام بكل صوره وأنواعه ، فيقول : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” (النساء : 29 ، 30)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ ” (صحيح البخاري).
ومن السلوكيات الخاطئة الركون إلى الكسل بحجة الصيام ، فرمضان شهر عبادة وعمل لا بطالة وكسل ، فالصوم لا يعني تعطيل حركة الحياة أو مصالح الناس ، إنما يعني مزيدًا من العمل والعطاء والإنتاج ، فديننا دين الجد والاجتهاد والعمل لا البطالة والكسل .
ومن السلوكيات الخاطئة في الشهر الفضيل الإسراف في الطعام والشراب ، مع أن حقيقة الصوم هي ضبط ميزان الشهوات والتحكم فيها لا الانسياق خلفها ، يقول الحق سبحانه : “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ” (الأعراف :31) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “كُلوا واشرَبوا وتَصدَّقوا والْبَسوا ما لم يخالِطْهُ إسرافٌ أو مَخيَلةٌ” (سنن ابن ماجه).
والخلاصة أن الصائم الحقيقي هو من يتخلى عن جميع المثالب من الكذب والإسراف وأكل الحرام وسائر الذنوب والمعاصي ، ويكثر من الطاعات ذكرًا وتسبيحًا وتلاوة قرآن وعمارة للكون والحياة ، مع إكرام الضيف ، والتوسعة على الفقراء والمساكين ، وإفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة والذكر وقراءة القرآن في جوف الليل والناس نيام .
ثم بعد ذلك كله الضراعة إلى الله (عز وجل) بالدعاء فهو شهر الدعاء وشهر الإجابة ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم الصَّائمُ حتَّى يُفطرَ والإمامُ العادلُ ودعوةُ المظلومِ” (سنن الترمذي) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “إن للصائمِ عندَ فِطْرِه لَدعوةَ ما تُرَدُّ” (سنن ابن ماجه) .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى