:أخبار وآراءأهم الأخبارمقالات

حــرمة المــال العـــام

 المال أحد الكليات الست والمقاصد الكلية السامية التي أحاطها ديننا الحنيف بالعناية والحفظ والرعاية والصيانة ، حيث يحذر الحق سبحانه وتعالى من أكل أموال الناس بالباطل ، فيقول (عز وجل) : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا “(النساء: 29-30) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ” (رواه البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به” (أخرجه أحمد) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة ، وأوجب له النار ، قالوا : فإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : وإن قضيبا من أراك ، قال ذلك ثلاث مرات ” (رواه مسلم) . ولحفظ المال شُرع حد السرقة ، وشرع الضمان ، والكفالة ، والوكالة ، والحجر لحق المال ، كما تضمن حد الحرابة حفظ المال أيضًا  ، ونبهنا الشرع الحنيف إلى كتابة الدين ، والوفاء به ، وبالأمانات ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه ، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله ” (صحيح البخاري)، ويقول(صلى الله عليه وسلم) : ” لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له ، ولا دينَ لمن لا عهدَ له”( أخرجه أحمد) .         وعاقبة الحرام وخيمة في الدنيا والآخرة ، فقد ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم)  ” الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمدّ يديه إلى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذّي بالحرام ، فأنّى يُستجاب له ؟! ” (رواه مسلم) .وحرمة المال تتحقق بكل طريق غير مشروع منها الغش نوعًا أو كمًا ، كيلا أو ميزانًا ، أو مقياسًا ، وأشد أنواع الغش حرمة وخطرًا على المجتمعات ما يتعلق بحياة الناس وأقواتهم وغذائهم وعلاجهم ، فمن غش في شيء من ذلك وهو يعلم أنه غشه فيه مؤد للقتل فهو قاتل عمدًا ، وإن كان يدرك أنه مضرٌ بصحة الناس وغير صالح للاستهلاك الآدمي فأدى إلى القتل ، فهو قاتل قتلًا شبه عمد . ومن أشد صور الحرام كل مال يتحقق بطريق الرشوة أو الاختلاس أو أكل حقوق الآخرين من عامل أو أجير أو غيرهما ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في الحديث القدسي الذي يرويه عن رب العزة (عز وجل) : “ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ : رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ ” (صحيح البخاري) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” لَعَنَ  اللَّه الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ” (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .مع تأكيدنا أن ضياع المال إهمالاً كضياعه إفسادًا فكلاهما ضياع على كل حال ، فكلُّ من قصّر في حماية المال العام أو تسبب في إتلافه أو إفساده أو ضياعه فهو آثم شرعًا .          وختامًا نؤكد أن الاعتداء على المال العام أشد إثمًا وجرمًا وخطرًا من المال الخاص لكثرة الأنفس والذمم المتعلقة به ، فالأمانة فيه أشد ، والمسئولية فيه أعظم .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى