كورونا والوعي بالوطن
لطالما ذكرنا أن رجلا فقيرًا في دولة غنية قوية خير من رجل غني في دولة ضعيفة فقيرة , لأن الأول له دولة تحمله وتحميه في الداخل والخارج , والآخر لا ظهر له ولا أرض ولا سند له لا في الداخل ولا في الخارج .
فالوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها , وليس حفنة تراب كما ذكر مرشد الجماعة الإرهابية , الوطن معنى أبعد وأعمق من ذلك بكثير , الوطن حياة , الوطن كيان , الوطن هوية , الوطن انتماء , الوطن أمانة , ولله در شوقي حيث يقول :
وَلِلأَوطــانِ فـــي دَمِ كُـــلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَـت وَدَيــــنٌ مُستَحـــــقُّ
الوعي بالوطن يتطلب الإلمام بحجم التحديات التي تواجهنا لأننا دون إدراك هذه التحديات ودون الوعي بها لا يمكن أن نضع حلولاً ناجحة أو ناجعة لها ، وإذا كان المناطقة يؤكدون أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، فإن معالجته أو مواجهة ما يرتبط به من تحديات لا يمكن أن تتم دون سبر أغوار وأعماق هذا التصور ، مما يتطلب تسليط الضوء على تحديات واقعنا المعاصر ، للعمل على خلق حالة من الوعي تسهم في معالجتها ، وحل إشكالاتها أو فك شفرتها ، أملا في الخروج من حالات الجمود الفكري إلى حالة من الرشاد الفكري والديناميكية الفكرية التي تعمل على بناء الذاكرة وبناء الأمة معًا ، والتحول من حالة الجمود والتقليد إلى الإبداع والابتكار والتجديد ، والتفرقة بين الثابت والمتغير ، وما هو من شئون الأفراد وما هو من شئون الدول ، مع العمل الدؤوب على تصحيح الأفكار المغلوطة ، والمفاهيم الخاطئة ، وكشف ضلالات وأباطيل الجماعات المتشددة والمتطرفة ، وبيان زيغها وزيفها وضلالها وبهتانها ، تحصينًا للنشء والشباب والمجتمع من شر هذه الأفكار والجماعات ، مع نشر صحيح الدين والعلم والفكر والثقافة ، وصولا إلى بناء ذاكرة واعية مستنيرة لمجتمعنا وأمتنا ، تأخذ بأيدينا إلى الإسهام الجاد في بناء الحضارة الإنسانية ، وترقى بنا إلى المكانة التي تليق بنا في مصاف الأمم الأكثر تقدمًا ورقيًا ورخاء.
ولقد أنارت الأحداث الراهنة لكل ذي لب وعقل , لكل وطني منصف وشريف معنى الدولة , وقيمة الدولة , ودور الدولة في رعاية أبنائها ومصالحهم في الداخل والخارج .
لقد شهد القاصي والداني بأن مصر الحديثة بقيادة سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي دولة ذات طابع خاص وطنيا وإنسانيا في رعاية أبنائها , إذ جعلت من الحفاظ على حياة مواطنيها وكرامتهم هدفا استراتيجيا ووقفت بفضل الله (عز وجل) شامخة قوية في وجه تحديات عصفت بالكثير من دول العالم وأربكت حساباتها , مما يجعلنا نؤكد وبكل اطمئنان أن العمل على قوة الدولة هو طريق الشرفاء النبلاء المخلصين من أبناء الوطن , فالإنسان لا يمكن أن يعيش وحده , ولا يمكن أن يواجه التحديات والمحن ولا سيما الأزمات والكوارث والنوائب وحده , إنما تواجه ذلك كله الدول القوية الفتية , ومن ثمة نؤكد أن كل ما يقوي بناء وشوكة الدولة الوطنية هو من صميم مقاصد الأديان , فمصالح الأوطان جزء لا يتجزء من صميم مقاصد الأديان , وكل ما ينال من أمن الوطن واستقراره أمر لا علاقة له بالدين ولا بالقيم ولا بالوطنية ولا بالإنسانية بل إنه يتناقض مع كل ذلك.