الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقتضي أمورًا كثيرة ، منها :
1-عدم ذكر اسمه (صلى الله عليه وسلم) مجردًا عما يليق به من الوصف بالنبوة أو الرسالة أو الصلاة والسلام عليه، سواء عند ذكره (صلى الله عليه وسلم ) أو عند سماع اسمه (عليه الصلاة والسلام) أو كتابة اسمه المبارك (صلى الله عليه وسلم)، بالغًا ما بلغ عدد مرات الكتابة أو الذكر ، فذلك من أخص علامات حب سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهذا ما يعلمنا إياه القرآن الكريم ؛ حيث جاء الخطاب الإلهي له (صلى الله عليه وسلم) مقرونًا بشرف الرسالة أو النبوة ، أو صفة إكرام وتفضل وملاطفة على نحو قوله تعالى : “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ” ، “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ” ، “يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ” ، “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ .
2- الإكثار من الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”.
يقول ابن كثير (رحمه الله ) : وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ. ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا .
ومن لزوم الأدب معه (صلى الله عليه وسلم) عدم اختصار صيغة الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) عند الكتابة إلى (ص) أو (صلعم) ، إذ ينبغي لنا كتابتها كاملة ؛ حتى لا يحرم كاتبها من ثوابها الوفير وفضائلها العظيمة .
3- عدم التعامل معه (صلى الله عليه وسلم) كما يتعامل بعضنا مع بعض ؛ حيث يقول الحق سبحانه : “لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا” ، وهو ما يقتضي أيضًا ألا نتعامل مع سنته كما نتعامل مع كلام بعضنا البعض ، وهو ما أكد عليه كبار الفقهاء والعلماء ؛ حيث يقول الإمام مالك (رحمه الله) : ليس أحد بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي (صلى الله عليه وسلم.
ويقول الإمام الشافعي (رحمه الله) : إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقولوا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ودعوا ما قلت .
4- التزام أقصى درجات الأدب والوقار في مسجده (صلى الله عليه وسلم) ولا شك أن حرمة جوار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ميتا كحرمة جواره حيًا ، وقد سمع الإمام مالك بن أنس (رضي الله عنهما) رجلا يرفع صوته في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا هذا الزم الأدب في حضرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فإن الله (عز وجل) قد مدح أقوامًا فقال : ” إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ” ، وذم أقوامًا فقال : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ”، وإن حرمة رسول الله ميتا كحرمته حيًّا .