كتاب الكمال والجمال
الكمال لله (عز وجل)وحده ، ولكلامه ، ولكتابه ، فهو كتاب الكمال والجمال ومحاسن ومكارم الأخلاق ، فقد تحدث هذا الكتاب العظيم عن الصبر الجميل فقال سبحانه : ” فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ” (يوسف : 18) ، والصبر الجميل ، هو الذي لا شكوى معه ، وهو الذي يوفى فيه الصابرون أجرهم بغير حساب ، بل قد يتبعه إحسان على حد قوله تعالى : ” وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “(آل عمران : 134) .
وتحدث القرآن الكريم عن الهجر الجميل حتى مع الأعداء دون لدد أو فجور في الخصومة، فقال سبحانه : ” وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا ” (المزمل : 10) ، وتحدث عن السراح الجميل ، وهو الذي لا عضل فيه للمرأة ولا ظلم لها ، فقال سبحانه : ” وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً “(الأحزاب : 49) .
وتحدث القرآن الكريم – أيضًا – عن الخلق العظيم في وصف سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فقال سبحانه : ” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “(القلم : 4) ، كما تحدث عن القول الحسن الجميل في قوله تعالى : ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ” (البقرة : 83) للناس كل الناس ، بل نحن مطالبون أن نقول التي هي أحسن ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ”(الإسراء : 53) ، ونعد الحديث بالتي هي أحسن نعمة ومنّة وهداية وتوفيقًا من الله (عز وجل) ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ “(الحج : 24) .
كما تحدث القرآن الكريم عن الدفع الحسن الجميل ، فقال سبحانه : ” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ “(فصلت : 34-35) ، ويقول سبحانه : ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا “(الفرقان : 63) .
وتحدث القرآن الكريم عن اللباس الجميل ، فقال سبحانه : ” وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ” (الأعراف : 26) ، وعن الوجه الجميل ، فقال سبحانه : ” وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ “(عبس : 38-39) ، وقال سبحانه : ” تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ “(المطففين : 24) ، وتحدث عن السعي الجميل المشكور ، فقال سبحانه : ” وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا”(الإسراء : 19) ، وتحدث عن الجزاء الحسن الجميل ، فقال سبحانه : “وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا “(الإنسان : 12) ، وعن العيشة الجميلة ، فقال سبحانه : ” فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ “(الحاقة : 21-24) ، وتحدث عن التحية الجميلة ، فقال سبحانه : ” وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا “(النساء : 86) ، وقال سبحانه : ” وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ” (الرعد : 23-24) ، وهكذا القرآن كله جمال وكمال ومحاسن ومكارم أخلاق .