حـيـــاة القلـــوب
ذِكرُ الله (عز وجل) تطمئن به القلوب ، وتصفو وتزكو به النفوس ، ذكر الله أنس وطمأنينة للنفس ، فما أجمل أن تكون معه ، وأن تأنس بخلوتك إليه ، وأن تجد في خلوتك أسمى معاني الأنس به ، لا فرق عندك بين النور والعتمة ، فنوره سبحانه يغمر قلبك ويعمره ويكفيك ، ويا له من فيض كرم أن تكون لحظات سعادتك وطمأنينتك هي لحظات خلوتك وانقطاعك إليه، وفراغ قلبك له ، حيث يقول الحق سبحانه : “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ “(الرعد :28) ، ويقول سبحانه : “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” (الأنفال : 2-4) ، ويقول سبحانه : “أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ”(الزمر : 22-23) ، ويقول : “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ”(الحديد :16) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء ” قيل : يا رسول الله وما جلاؤها ؟ قال : ” كثرة ذكر الموت وتلاوة القرآن” (رواه البيهقي) . فالذكر حياة القلوب وجلاؤها وشفاؤها وصفاؤها ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟” قالوا: “بلى يا رسول الله” قال : “ذكر الله عز وجل” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ ” فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال : ” يسبح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة ويحط عنه ألف خطيئة “( رواه مسلم) ، وقد روي أن رجلا قال : يا رسول اللهِ إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به, فقال : لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله تعالى”(صحيح الترمذي) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لقيت إبراهيم ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد ، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان ، وأن غراسها سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر”(رواه الترمذي) ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ (رضي الله عنه) قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : يَا عَبْدَاللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ” (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .