وزير الأوقاف في خطبة الجمعة :
مصر حصن لدينها
وأمتها وأهلها في رباط إلى يوم القيامة
الوطن تاج على رءوس العقلاء والشرفاء
لا يعرف قيمته إلا من أكتوى بفقده
مصر حصن لدينها
وأمتها وأهلها في رباط إلى يوم القيامة
الوطن تاج على رءوس العقلاء والشرفاء
لا يعرف قيمته إلا من أكتوى بفقده
أهل الباطل في صراع دائم مع أهل الحق
والافتراء على البرءاء أمر في غاية الصعوبة على النفس النقية
قوة مصر تزعج الأعداء وتجعلهم يروجون الشائعات والأكاذيب ضدها
افتتح اليوم كل من : معالي وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة , والسيد اللواء/ أحمد راشد محافظ الجيزة , وفضيلة المفتي د/ شوقي علام بحضور الشيخ/ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف ولفيف من قيادات الأوقاف ومحافظة الجيزة وبعض السادة أعضاء مجلس النواب مسجد عبد الوهاب خليل بمدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة .
ودارت خطبة الجمعة التي أداها معالي وزير الأوقاف حول موضوع “خطورة الشائعات وتزييف الوعي ” , وفيها أكد معاليه على أن مصر حصن لدينها وأمتها , وأن أهلها في رباط , وهي في أمن وأمان بإذن الله تعالى إلى يوم القيامة , مؤكدًا أن الوطن تاج على رءوس العقلاء والشرفاء , لا يعرف حقيقته وقيمته حق المعرفة إلا من اكتوى بفقد وطنه , مما يتطلب منا أن نحافظ بكل قوة على وطننا وأن نفديه بأنفسنا ودمائنا وأموالنا .
محذرًا من اتباع الشائعات أو ترويجها , فهذا خطر عظيم على الدين والوطن , حيث يقول الحق سبحانه : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” , ويقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ” , وفي رواية : ” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّث بِكُلِّ مَا سَمِعَ” , فإن الصراع بين الحق والباطل وبين حماة الأوطان وبين الخونة والعملاء وبين أهل الإصلاح والإفساد , وبين دعاة الإصلاح والمأجورين للإفساد والتخريب ليس وليد اليوم , بل هو صراع تاريخي , فلابد لأهل الحق من امتحان وابتلاء , حيث يقول الحق سبحانه : ” أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ” , على أن أهل الباطل بلغ بهم الشطط إلى التجاوز في حق رب العزة نفسه والعياذ بالله , حيث يقول سبحانه : ” وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ” , ويقول سبحانه : ” وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا” .
بل تطاولوا على الأنبياء فقالوا في شأن سيدنا موسى وهارون (عليهما السلام) : ” قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى * فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى” , وتقولوا على سيدنا عيسى (عليه السلام) ما لم يقله : ” وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” , ثم تجاوزا في حق كتاب الله تعالى فقالوا عنه : ” فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ” , وقالوا عنه كما حكى القرآن الكريم : ” وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” , فنزل قول الله : ” قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ” , وخاضوا في عرض الصِّديقة بنت الصّديق العفيفة بنت الأعفاء أمنا أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) فرموها بالبهتان العظيم حتى جاءت براءتها من فوق سبع سماوات , فقال سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ” , ثم ينبه الحق سبحانه المجتمع إلى الخطأ الذي وقع فيه بعض أفراد المجتمع فيقول سبحانه : “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ” .
كما أكد معاليه أن أهل الباطل والمنافقين والمأجورين والخونة والعملاء موجودون في كل زمان ووقت ، ولم تسقط دولة عبر التاريخ إلا عبر خيانة بعض العملاء والمأجورين من بعض المحسوبين عليها ممن لا يتقون الله لا في دينهم ولا في أوطانهم ، وأن سلاح الشائعات والأكاذيب والأباطيل يظهر في أشد وأحلك المواقف في تاريخ الأمة حتى يصيبوا المجتمع بالإحباط، ففي يوم أحد أشاعوا موت النبي (صلى الله عليه وسلم) ليصيبوا الجيش بالإحباط ، لكن وعي الصحابة كان قويًا فلم يستجيبوا لهذه الشائعات ، وكذلك في يوم حنين حيث وقف النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : “أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب”،
كما أن أعدائنا لا يكفون عن بث الشائعات لإحداث الاضطراب والإحباط , وعندما أشاعوا قتل الرسول (صلى الله عليه وسلم) في يوم حمراء الأسد أشاعوا أن قريشا قادمة بقضها وقضيضها للإجهاز على الرسول (صلى الله عليه وسلم) فنزل قول الله تعالى : “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” .
وأكد معاليه أن الله تعالى حافظ مصر من كل مكروه وسوء ، ألم يقل الرسول (صلى الله عليه وسلم)”: ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما” ، وقال : “إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندًا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض”، فقال أبو بكر ( رضي الله عنه ) لم يا رسول الله؟ فقال:” لأنهم وأزواجهم إلى يوم القيامة ” فمصر بلد الإيمان وستظل ، وسيظل جندها في رباط إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , وإن قوة مصر وأخذها طريقها نحو التقدم وبناء دولة قوية يزعج الأعداء ويسر الأصدقاء ، ومصر عبر تاريخها كانت سند دينها وسند أمتها ونذكر أنموذجًا ذلك أنه في عام الرمادة كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص في مصر ” واغوثاه ..واغوثاه .. واغوثاه ” فقال عمرو بن العاص :”والله لأرسلن قافله من الأرزاق أولها في المدينة وآخرها عندي “، كما أن مصر عبر تاريخها كانت صمام الأمان لمنطقتها، وسندًا للأمة العربية والإسلامية ، مبينًا معاليه أن حق الدين علينا أن نقف بجانب بلدنا لأنها حصن الإسلام ، وهناك دول تريد أن تبني مجدًا على حساب مصرنا وتريد أن تلتهم ثرواتنا ومقدراتنا ، ويؤلمها أن ترى مصر تشق طريقها نحو قوة قادمة حقيقية ببناء حقيقي .
وفي النهاية نؤكد أنه لا تقذف بالأحجار إلا الشجرة المثمرة ولا يقذفها إلا الصبية, أما الرجال فيستحون , ولا يحوم اللص إلا حول البيوت العامرة , فإن حام حول البيت الخرب كان من البلهاء , ولكننا نقول لمن يحاولون الإيقاع بمصرنا العزيزة :
كَناطِحٍ صَخْــرَةً يَوْمـــاً ليِوُهِنَهــا
فَلَمْ يَضِرّْها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ
ونذكر بقول حافظ إبراهيم :
ما رَمانــي رامٍ وَراحَ سَليمــاً
مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي
كَم بَغَت دَولَةٌ عَلَيَّ وَجارَت
ثُمَّ زالَت وَتِلكَ عُقبى التَعَدّي
مما يتطلب وقوفنا بقوة خلف وطننا وجيشنا وشرطتنا وسائر مؤسساتنا الوطنية , وألا ننساق خلف الأكاذيب والشائعات التي ترددها الكتائب الإلكترونية للجماعات الإرهابية ومن يدعمها ممن يريدون الشر وعدم الاستقرار لوطننا.