:أهم الأخبارمقالات

المشاركة في تزييف الوعي

       لقد ترددت في صياغة عنوان المقال , أيكون “ألقاب النصب” , أو “المشاركة في تزييف الوعي” , فاخترت الثاني لما سيأتي بيانه .

       هناك ألقاب مزيفة تستخدم لطمس الحقائق أو جبر النقائص أو ملء الفراغ النفسي , لتكون غطاء وهميا مزيفا لمن لا غطاء له ولا ثقة له في نفسه ولا قدراته , وبعضها قد يصل إلى درجة الجرائم التي يحاسب عليها القانون .

   وأذكر أنه قد زارني شخص ما منذ سنوات , وقدم لي مرافقًا له على أنه المستشار فلان , فقلت له في أي محكمة تعمل أو عملت , قال : لا أنا مستشار قانوني لإحدى الشركات , وهو لم يمارس حتى مرافعة واحدة في حياته أمام أي محكمة, غير أنه يعمل فيما يشبه العلاقات العامة لشركات عمه الذي يقدمه وهو أقصر منه باعا وأقل طولا فكريًّا وثقافيًّا , ويظن أن تقديم ابن أخيه بهذه الصورة يرفع من مكانتهما الاجتماعية أو الثقافية , غير أن الذي لفت نظري هو محاولات هذا التزييف والادعاء الكاذب الذي كانا في غنى عنه لأنه يضعهما ولا يرفعهما كما يتوهمان.

       كما أصبح من يُمنح درجة الدكتوراه الفخرية على طبق من الصفيح المطلي أو ورقة كرتون ملونة من جمعية وهمية أو تحت التأسيس أو منظمة فيسبوكية لا أصل لها , ومن يمنح شهادة بلقب سفير من أي من هذه الجهات المشبوهة المزيفة يسوق نفسه وكأنه أستاذ جامعي أو سفير حقيقي , حتى رأينا من يتحول أو يتجول بين الألقاب , طالما أن أطباق الصفيح المطلي أو أوراق الكرتون الملون كثيرة ولا كلفة فيها , ومع أن كثيرًا من هذا الأفعال الإجرامية يحاسب عليها القانون , فإن الطامة الكبرى هي في كل من يشارك بقصد أو بدون قصد في تزييف وعي الجماهير بتضخيم هذه الفقاعات المزيفة .

      وإذا كانت بعض المواقع المشبوهة تسهم في هذا التزييف فإن دورنا جميعا ولا سيما وسائل الإعلام المحترمة المقدرة هو وضع الأمور في نصابها وتسميتها بمسمياتها , وعدم استخدام ألفاظ أو ألقاب فضفاضة ومطاطة وعائمة مثل خبير أو مفكر ونحو ذلك على غير سند قانوني ما لم يكن صاحبه معينا فعلا خبيرًا بإحدى الجهات المتعمدة رسميا المعتبرة في مجال اختصاصه , ناهيك عن ألقاب فضفاضة مثل : من علماء الأزهر والأوقاف دون ذكر صفتهم الوظيفية الحقيقية الرسمية كإمام مسجد أو مفتش مساجد أو مدرس بالمعاهد الأزهرية أو معيد بكلية كذا أو أستاذ بكلية كذا من واقع وصفه الرسمي , دفعا لإعطاء بعض المدعين أكبر من حجمهم الطبيعي , بما يرتد سلبا على بناء الوعي , بل ربما يسهم في تزييفه , بتضخيم بعض الأشخاص وإعطائهم ما لا يتناسب وقدرهم العلمي أو الفكري أو الثقافي .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى