حق الفقراء على الأغنياء في رمضان
للفقراء حق على الأغنياء بصفة عامة ، هذا الحق الذي تحدث عنه القرآن الكريم في سورة الذاريات فقال سبحانه : “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” (الذاريات : 15-19) ، وفي سورة المعارج في قوله تعالى : “وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ” (المعارج : 24-25) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِى مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِى مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لاَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالاً وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ” (سنن الترمذي) .
وهذا الحق يتمثل في قسمين الأول الحق الوجوبي المتمثل في الزكاة والكفارات ، والثاني الندبي ويتمثل في الصدقات وسائر وجوه البر الأخرى ، وفي رمضان يزداد هذا الحق أهمية سواء أكان وجوبيًا أو ندبيًا ، فمن أدى فريضة في رمضان كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو ما يجعل كثيرًا من الأغنياء يخرجون زكاة أموالهم في رمضان بغية التعرض لهذا الثواب العظيم المضاعف ، أضف إلى زكاة الفطر التي هي طهر للصائم وطعمة للمساكين والفقراء والمحتاجين ، أضف إلى ذلك إطعام الفقراء في رمضان ، فإذا كان نبينا قد بين لنا أن من فطر صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء ، فلا شك أن العناية بالفقير والمحتاج في ذلك تعد من فقه الأولويات ، لحاجة هؤلاء وإدخال السرور عليهم ، وإذا كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد قال ما آمن من بات شبعان وجاره جائع وهو لا يعلم ، فما بالكم بمن بات شبعان وجاره إلى جانبه صائمًا في رمضان وهو يعلم ؟ .
ثم إن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد دعانا إلى إغناء الفقراء وإدخال الفرحة عليهم في يوم العيد ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : “أغنوهم في هذا اليوم” ، وتمام هذه الفرحة يكون بالعمل على عدم اضطرارهم إلى ذل السؤال في هذه الأيام ، وذلك يكون بالعمل المبكر على قضاء حوائجهم في العيد قبلها بأيام ، والتوسعة عليهم بما يقضي حوائجهم وحوائج أسرهم .
ومن ثمة فإننا ندعو إلى إسراع كل من لم يخرج زكاة ماله بإخراجها في هذا الشهر الكريم مستغلاً فضلا الله العظيم على خلقه ومضاعفة الحسنات لهم في هذا الشهر ، وكذلك إخراج زكاة الفقراء والتوسعة في إخراجه ، والعمل على ألا يكون بيننا لا في رمضان ولا في العيد جائع أو محتاج .