أموال اليتامى
لقد أوصانا الإسلام بإكرام اليتيم أيما إكرام , وجعل درجة ومنزلة من يكفل اليتيم ويكرمه هي صحبة الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) في الجنة , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ ، وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “كَافِل الْيتيمِ -لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ- أَنَا وهُوَ كهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ ، وأشار بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطى”، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ”.
وفي شأن الإحسان إلى الأيتام , يقول الحق سبحانه : “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا”, ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ” , ويقول سبحانه : “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ” , ويقول سبحانه : “وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا” , ويقول سبحانه : “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا” , ويقول سبحانه : “فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ” , وقال سبحانه : “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ” , وذم أهل الجاهلية على تقصيرهم في حق اليتيم , فقال سبحانه وتعالى : “كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ”.
وقد حذر القرآن الكريم تحذيرًا كبيرًا من المساس بأموال الأيتام , فقال سبحانه : “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” , وقال سبحانه : “وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا”.
غير أن مفهوم أموال اليتامى يحتاج إلى تحديد , فقد ينصرف ذهن بعض الناس إلى المال الذي ورثه اليتيم عن أبيه , أو أبويه كليهما , أو أي من مورثيه : جدًّا أو جدة , أو أخًا أو عمًّا , أو غير ذلك , وهو كذلك , غير أن الأمر لا يمكن أن يقف عند هذا الحد , إنما يشمل كل مال حبس على اليتيم أو خصص له أو جمع لأجله , فكل جمعية تعمل في مجال الأيتام وكل شخص يقوم على أي شأن يتصل بشئونهم أو إدارة الأموال المخصصة لهم , عليه أن يدرك أن المساس بهذه الأموال بغير حق بأي وجه من الوجوه, إنما يقع في عداد من قال الله (عز وجل) في حقهم : “إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” , فالحذر الحذر من مال اليتيم أو المساس به أو تضييعه أو التقصير في حقه أو صرفه في غير ما خصص له بأي صورة من الصور أو شكل من الأشكال.