:أهم الأخبارمقالات

التواضع

أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

التواضع خلق رفيع من شيم الصالحين وصفات المؤمنين حيث يقول سبحانه : “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”(الفرقان : 63) ، فجعل الله تعالى أول صفات عباد الرحمن التواضعَ ولينَ الجانب وخفضَ الجناح ، ويقول سبحانه وتعالى لنبينا (صلى الله عليه وسلم) : “وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ” (الشعراء : 215) ، ويقول سبحانه ممتنًا على نبيه (صلى الله عليه وسلم) : “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران : 159) ، ويقول سبحانه على لسان لقمان (عليه السلام) في وصيته لابنه : “وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ” (لقمان : 18) ، ويقول سبحانه : “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا  إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا” (الإسراء : 37) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد” (رواه مسلم) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”(رواه مسلم) ، وسئلت السيدة عائشة (رضي الله عنها) ما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصنع في بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة (رواه البخاري).

كما حث ديننا الحنيف على التواضع ونهى عن الكبر وحذر منه ومن سوء عاقبته ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ”(الزمر : 60) ، ويقول سبحانه : ” وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ” (الأعراف : 48) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب وعائل مستكبر”(رواه مسلم) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “يقول الله (عز وجل): “الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني منهما شيئا أذقته عذابي ولا أبالي “(أخرجه أحمد)، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا ، قال : “إن الله جميل يحب الجمال والكبر بطر وغمط الناس” (رواه مسلم) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “ألا أخبركم بأهل النار ، كل عتل جواظ مستكبر” (متفق عليه) ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : “احتجت الجنة والنار ، فقالت النار: فِيَّ الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة : فِيَّ ضعفاءُ الناس ومساكينهم ، فقضى الله بينهما إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء ، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ، ولكليكما عليَّ ملؤها” (رواه مسلم) .

فعاقبة المستكبرين وخيمة أفرادًا كانو ا أو أممًا , فقارون الذي آتاه الله مالا تنوء بحمل مفاتيح خزائنه العصبة أولو القوة عندما بغى وطغى وقال كما حكى القرآن الكريم على لسانه : (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) ، خسف الله به وبداره الأرض يقول سبحانه : ” فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ “(القصص : 81) .

كما نرى أثر الكبر والغرور في قصة صاحب الجنتين بسورة الكهف , حيث يقول الحق سبحانه في شأنه : “وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا”(الكهف : 35-36) ، فلما جحد واستكبر كانت العاقبة زوال النعمة عنه , حيث يقول الحق سبحانه ” وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا  ” (الكهف : 42-43) .

 وهذا أيضًا هو جزاء القرى والأمم التي عتت واستكبرت , حيث يقول الحق سبحانه : “فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ “(فصلت : 15-16) ، ويقول سبحانه: “وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ” (الطلاق : 8) ، فكان عاقبة أمرها “فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ” (الطلاق : 8-9) .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى