:أهم الأخبارمقالات

رمضان شهر البر والصلة

رمضان شهر البر والصلة ، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون فى رمضان، كان أجود فيه بالخير من الريح المرسلة، من فطر فيه صائمًا فله مثل أجره من دون أن ينقص من أجر الصائم شيئًا ، ومن أدى فيه نافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، فهو مجال واسع للبر وبخاصة إطعام الطعام الذى هو من سمات هذا الشهر الكريم ، وسمة من سمات ديننا الحنيف ، يقول سيدنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ  (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) قَال: لما قدم النبِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) المدينة انجفل الناس قبله , فقالوا : قدم رسول الله ، قدم رسول الله , فجئت في الناس لأنظر إلى وجهه ، فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، فكان أول شيء تكلم به أن قال : ” أيها الناس ! أطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ” ، فنلاحظ أن الحديث اشتمل على أربع خصال ، ثلاث منها تتصل بالعلاقات بين الناس ، وهي : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وصلة الأرحام ، والرابعة تتعلق بالعلاقة بين العبد وربه وهي: الصلاة بالليل والناس نيام.

كما أن إطعام الطعام لا يجب أن نحصر فهمه على إطعام الشخص كفرد ، وإنما يتجاوز المعنى ذلك إلى إطعام الفرد وأهل بيته أجمعين , سواء أكان إطعامًا مباشرًا كالطعام المجهز , أم كان إطعامًا غير مباشر كتقديم ما يصلح صنعه طعامًا , أم كان بطريق دفع المال الذي يشترى به الطعام , مع التوسع في سائر أعمال البر في هذا الشهر الفضيل الكريم .

وهو مع ذلك شهر الصلة بين الأهل والأقارب ، فالصدقة على الفقير صدقة ، وعلى القريب صدقة وصلة ، وخير الناس خيرهم لأهله ، حيث كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول :  “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.

وقد سار أصحابه (صلى الله عليه وسلم) على هذا البر ، ومن ذلك ما كان من سيدنا عبد  الله بن عمر (رضي الله عنهما) الذي خرج في سفر ومعه مالك بن دينار ، فلقيه أعرابي ، فهش له ابن عمر وأكرمه وأحسن لقاءه ، وخلع عمامته وأهداه إياها ، ثم أعطاه دابته التي كان يركبها ، فقال له ابن دينار لقد أحسنت وزدت ، وإن هؤلاء الأعراب يرضون باليسير ، فقال ابن عمر (رضي الله عنهما) : إن أبا هذا كان ودًا لعمر ، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول :” إن أبر البر , أن يصل الرجل أهل ود أبيه”.

ورمضان لا مجال فيه للتشاحن ولا للمتشاحنين ، وإذا كان رمضان شهر الصلة ففي مقدمة هذه الصلة يأتي أمران : صلة الرحم، حيث يبينها النبي (صلى الله عليه وسلم) في الحديث القدسي الذى يرويه عن رب العزة سبحانه : ” أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته “، ثم قال نبينا (صلى الله عليه وسلم): اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى: ” فهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا “، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس ، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا ” .

الجانب الآخر من الصلة هو صلة كل من حولك فلا تقطع أحدًا، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): ” لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام”، وليس معنى ذلك أن يبدأ بالسلام إذا لقيه فى الطريق فحسب ، إنما يبدأ بالسلام بكل ما تعنيه كلمة السلام بمفهومها الشامل ، بأن يكون السلام سلامًا حقيقيًّا لا شكليًّا , ليس مجرد سلام باللسان ونكران بالقلب ، إنما هو سلام مع النفس ، مع الصديق ، مع الأهل ، مع الجار ، مع الزميل ، مع الإنسان ، مع الحيوان ،  مع الجماد ، مع الكون كله , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : ” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ “.

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى