:أهم الأخبارمقالات

حتى لا نخدع مرتين

     كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) أفصح الناس ، وأبلغ الناس ، ويعدون من عظيم بلاغته (صلى الله عليه وسلم) أحاديثه التي جرت مجرى الحكمة أو المثل ، كقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ واحِدُ مَرَّتَيْن ) (متفق عليه) ، وهكذا كان صحبه الكرام (رضوان الله عليهم) فكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول : ” لست بالخب ولكن الخب لا يخدعني” ، ويروى عن المغيرة بن شعبة (رضي الله عنه) أنه كان من دهاة العرب ، وكان يقول : ” لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه جزيرة العرب “.

        ويجب أن نأخذ من دروس الماضي ما نبني عليه الحاضر وننطلق به في المستقبل ، وأن نتذكر التاريخ الأسود للجماعات المتطرفة وفي مقدمتها رأس الأفعى جماعة الإخوان الإرهابية التي احترفت العمل السري متجاوزة إياه إلى التقية والنفاق ، بل إن بعض أعضائها طبع على ذلك لدرجة يصعب على كثيرين تمييزها ، على حد قوله تعالى في شأن بعض المنافقين : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } (التوبة: 101) .

     وإذا كنا نؤكد أن الإرهاب لا يمكن أن يعمل إلا في ضوء حواضن تحتضنه وتأويه وتنميه وتوفر له المناخ الآمن ، فإن عناصر الجماعة الإرهابية لا يمكن أن تتسلل إلى المؤسسات إلا من خلال خلايا نائمة أو متعاطفة تهيئ لها ذلك وتساعدها عليه وتمكن لها فيه ، وإن الأمر لجد خطير، وليس الحل في ترحيل المشكلات وتأجيل المواجهة إلى آماد غير محدودة حتى يستفحل شر هؤلاء ويشتد عضدهم ، ويشكلون ما يشبه اللوبي أو المافيا داخل بعض مؤسسات الدولة بصورة يخشى معها شرهم ومكرهم ، وبحيث يتحولون مع الوقت من مخادعين أو منافقين أو متسللين إلى مافيا يتقرب إليها الضعفاء والباحثون عن المصالح والمنافع ، ولا سيما أن القيادات والعناصر الإخوانية لا دين لها ولا خلق ولا أمانة ولا وطنية ، فهي تغدق على الموالين لها وتستخدم أقصى درجات المنع والحرمان والإقصاء للمخالفين أو المعارضين أو حتى غير الموالين لإخضاعهم وكسر إرادتهم .

    وإننا لفي حاجة إلى تحرك سريع وحاسم وبتار وغير هياب ولا متوجس في جميع المجالات والاتجاهات ، وفي جميع المؤسسات لقطع أذرع الجماعات الإرهابية وتجريدها من أي مصادر قوة ، دفعًا لخطرها الداهم وشرها المستطير .

     لقد حاولت تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة سابقًا التسلل عبر بعض الجمعيات والنقابات والمؤسسات حتى صاروا نافذين فيها ، ومسيطرين على كثير منها ، مما عرّض الوطن لخطر جمّ ، دفعه الله عنا بفضله وكرمه ، ثم بفضل قائد شجاع جسور هو سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي ، ومن خلفه قواتنا المسلحة الباسلة ، التي ما زالت وستظل تسطر ملاحم البطولة والفداء الوطنية ، وفيَّة على العهد في مواجهة قوى الإرهاب والشر ، ومعها رجال الشرطة الأوفياء ، وكل كاتب أو إعلامي أو وطني غيور على وطنه.

    ولا يظنن أحد أن المعركة قد انتهت أو أن المواجهة قد حسمت ، لأن نفوس الشر لا تهدأ ، وهناك من يدعمها ويستخدمها ويمولها ويحركها ، ومالم نتحلَّ باليقظة والشجاعة والحسم فإن الأمر لجد خطير ، ولقد تحدثت في أكثر من مقال سابق عن مخاطر المترددين وأكدت أن من المحزن في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ وطننا وأمتنا ، والتي تقتضي منا جميعًا أن نقف وقفة رجل واحد في مواجهة الإرهاب وقوى الشر والظلام أن يتردد البعض في حسم هذه المواجهة التي تقتضي أكثر درجات الحسم ، إذ إن بعض الناس مازالوا مخدوعين أو مترددين في وقت نحتاج أن نذود فيه بشجاعة عن حمى الوطن الذي هو القلب النابض للعروبة والإسلام ، وصمام الأمان لأمتنا العربية ، وعمود خيمتها ، بل هو رأس الحربة في مواجهة الإرهاب وكف شره عن الإنسانية .

      على أن هناك أيضًا من يراهن على الحصان الخاسر ، ويتوجس من الوهم ، ويخشى  أن تدور الأيام إلى الخلف ، فلا تجد لهم موقفًا واضحًا ، وهناك من هو على استعداد لأن يتحالف مع العنف والإرهاب ومن تبنوا العنف والإرهاب مسلكًا ، أو مع بقايا الفصائل المتشددة أو الإرهابية ، أو ما يعرف بالخلايا النائمة لها ، دون تقدير  للمصلحة الوطنية ، ونقول لهؤلاء جميعًا : أفيقوا ، ولا ترددوا ، وأدركوا الواقع ، فإما أن نكون أو لا نكون ، أما إمساك العصا من المنتصف فذلك عصر قد ولى إلى غير رجعة ، ونقول لهم : “نحن نراكم” .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى