:أهم الأخبارمقالات

دولة المؤسسات

أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

    الدولة العظيمة هي التي تقوم على مؤسسات قوية ، وتعمل على تقوية مؤسساتها الوطنية ، وترسيخ دعائمها ، وهي التي تعمل جاهدة على التخلص من الكيانات الإرهابية التي تحاول أن تحل محل مؤسسات الدولة أو تعمل على مزاحمتها من جهة ،كما تعمل على التخلص من النظام الشمولي والرأي الفردي من جهة أخرى ، فكما قالوا :

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به

رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

       لقد زالت دولة الفرد ، وأصبحت لا بقاء لها في عالم يلفظ الديكتاتورية بكل عناصرها وألوانها وحتى مساحيقها ، ولله در شوقي حيث يقول : مخاطبًا اللورد كرومر

زمان الفرد يا فرعـــون ولَّى

ودالت دولـــــة المتجبرينا

وأصبحت الرعاة بكل قطر

على حكم الرعية نــــازلينا

       النظام المؤسسي يقوم على إعلاء دور المؤسسات ، وعلى أن الشعوب مصدر السلطات  ، أليست الشعوب هي التي تختار نوابها وممثليها ؟ وهذه المجالس النيابية أو البرلمانية إنما هي أدوات الدولة الديمقراطية  التشريعية والرقابية ، فإذا امتلكت الدولة مع ذلك إرادة سياسية لاحترام المؤسسية وتقدير دور المؤسسات وإعطائها فرصتها لتَعمل وتُعمل أدواتها ، وتتكامل في أدوارها في ظل قائد حكيم ، يفصل بين السلطات ويحول دون تضاربها ، ويوجه بوصلتها في الاتجاه الصحيح لتتكامل ولا تتنافر ؛ لكان ذلك من أهم عوامل البناء والتقدم والرقي .

وإذا أدركت هذه المؤسسات طبيعة الوقت ، وتحديات الظرف ، والمخاطر المحيطة بالوطن أو المحدقة به ، فتجانست وتكاملت ، وعرف كل منها واجبه فلم يتقاعس عنه ، ودوره فلم يتجاوزه ، وأدرك الجميع أن الوطن للجميع ، وبالجميع ، ويتسع للجميع ، وأن فرقًا شاسعًا بين المنافسة المحمودة في خدمة الوطن  ، والتنافس المذموم في الصراع على المصالح ، لاختصرنا كثيرًا من الخطوات في اتجاه البناء ، وتفادينا كثيرًا من عوامل الإسقاط والإفشال والهدم.

والذي لا شك فيه ولا مرية أننا في مصرنا الغالية وفي ظل القيادة الحكيمة للسيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي نرسخ لنظام مؤسسي يحترم المؤسسات الوطنية ، ويقدر دورها ، ويعمل على تقويتها ، ويعطيها الفرصة كاملة لإعادة بناء نفسها على شروط وطنية ، وأرضية وطنية ، وقواعد وطنية صلبة لا تمييز فيها على أساس الدين ، أو اللون ، أو العرق ، أو الجنس ، وبصورة ودرجة على الأقل لم نعهدها في جيلنا ، فنحن أمام رؤية مختلفة عما مضى ،  رؤية ثاقبة ، لو أحسنا استغلالها ، وكنا جميعًا في مواقعنا التنفيذية على مستوى هذه الرؤية الحكيمة الثاقبة للسيد الرئيس لتغيرت أحوالنا إلى الأفضل في اتجاه بناء دولة عصرية ديمقراطية صلبة حديثة قوية وراسخة ومتجذرة في بنائها الحضاري والديمقراطي تجذر هذا الشعب في حضارته ، ولقضينا على كثير من أخطاء الاستبداد الوظيفي الذي لا تقل خطورته بين صغار القيادات عن أخطاره بين كبارهم ،  ففي الوقت الذي يسعى فيه رأس هرم السلطة في مصر لترسيخ دور المؤسسات ، فإننا جميعًا يجب أن نعمل على تعظيم هذا التوجه ، وعلى إبرازه وترسيخه ومحاسبة من يحيد عنه ، حتى لا نكتوي باستبدادية بعض صغار الموظفين في ظل دولة تعمل قيادتها السياسية على ترسيخ أسس العدالة الإدارية والنظام المؤسسي ، وتعد ذلك في مقدمة أولوياتها وأحد أهم دعائم فلسفتها وأيدلوجيتها في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العصرية الحديثة ، وأهم من ذلك هو ألا نسمح لسلطات موازية لسلطة الدولة أن تقوم أو حتى تتشكل من جديد ، وبخاصة تلك الكيانات الموازية التي تسعى الجماعات الإرهابية والمتطرفة إلى فرضها على المجتمع ، فهذا هو الخطر الداهم الذي يجب التنبه له والقضاء عليه.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى