الوقاية من التطرف
لا شك أننا في حاجة ماسة وملحة إلى بناء سياج فكري حصين لوقاية شبابنا ومجتمعاتنا وأوطاننا والعالم من الفكر المتطرف .
ولكي تؤتى استراتيجية مكافحة التطرف أكلها ينبغي أن تقوم على محورين أساس : الأول : تفكيك الفكر المتطرف ودحض أباطيل المتطرفين وتفنيد حججهم والعمل على نشر قيم التسامح ، وتأصيل العيش المشترك ، وترسيخ أسس المواطنة المتكافئة ، وتعميق روح الانتماء الوطني ، وبيان مشروعية الدولة الوطنية ، وحتمية الاصطفاف الوطني للقضاء على الإرهاب والفكر المتطرف .
أما المحور الثاني والأهم من استراتيجية المواجهة , فيقوم على ثلاثة ركائز , الأولى : حسن تدريب وتأهيل العاملين في الحقل الدعوي من خلال برامج تدريبية للسادة الأئمة تدريبًا علميًّا نوعيًّا تراكميًّا مستمرا بمستويات متعددة منها المستوى الخاص بتجديد الخطاب الديني الذي انتقينا له نخبة من أفضل الأئمة ما بين حاصل على الماجستير أو الدكتوراه مع إجادة عدد غير قليل منهم لإحدى اللغات لأجنبية , وقد أعددنا لهم برنامجًا تدريبيًّا راقيًّا ومتميزًا يتكون من نحو ثمانمائة ساعة تدريبية يدرس فيه هؤلاء الأئمة إلى جانب علوم الدين واللغة علوم النفس والاجتماع والجمال , ومفاهيم الأمن القومي , والمدارس الفكرية والفلسفية قديما وحديثًا , إضافة إلى دراسة جادة لإحدى اللغات الأجنبية , وآليات التواصل الإعلامي والإلكتروني .
أما الركيزة الثانية : فتقوم على تفعيل استراتيجية التواصل المباشر والحوار والإقناع والاقتناع , من خلال تكثيف الندوات والدروس واللقاءات الحوارية المفتوحة مع طلاب الجامعات ، وطلاب المدارس ، والنوادي الرياضية والاجتماعية ، والمصانع ، وقصور الثقافة ، وأن يعود للمسجد دوره الاجتماعي ، بحيث يتفاعل السادة الأئمة تفاعلاً مباشرًا مع الناس في مناسباتهم الاجتماعية ، والإسهام في حل مشاكلهم والرد على استفساراتهم مع العمل الجاد والدءوب المستمر لتصحيح المفاهيم المغلوطة والرد على شبهات المتطرفين في النجوع والقرى .
وأما الركيزة الثالثة : فتقوم وتبنى على مشروع فكري ضخم يعمد إلى إعادة نظر شاملة وعامة وغير انتقائية لكل جوانب تراثنا العلمي والفكري بما يتناسب مع طبيعة العصر ويراعى مستجداته في ضوء الحفاظ على الثوابت التي لا تقبل ولا نقبل المساس بها , وفي إطار المقاصد العامة للتشريع , وهو ما نعد له ونسأل الله أن يوفقنا وفريق العمل العلمي لإنجازه ، أو فتح بابه وكسر حاجز الاقتراب من هذا العمل الضخم , وإطلاق أولى أعماله , فمن سار على الدرب وصل وسنصل بإذن الله تعالى.
وإذا أردت أن تحمي أبناءك وأهلك وذويك من أن تتخطفهم أيدي الإرهابيين ، فيجب عليك أن تراقب سلوك من يعنيك أمره على النحو التالي :
النظر في أحوال أصحابه وأصدقائه ومرافقيه ، ومن يترددون عليه أو يتردد هو عليهم ، فإن كانوا محسوبين على أيٍّ من جماعات الإسلام السياسي أو من يُعرفون بالانحراف عن طريق الجادَّة ، أو أعمال البلطجة أو المشبوهين ، أو وجدته يميل إلى الاجتماعات السرية ، أو أخذ الغموض يبدو على تحركاته ، فعليك أن تحسن مراقبته حتى تقف على حقيقة أمره ، وأن تنقذه من براثن الإرهاب قبل فوات الأوان .
وإن وجدت شيئا من الثراء أو السعة غير الطبيعية أو تغير في طريقة الإنفاق الزائد الذي لا يعد طبيعيا ، فعليك أن تنقّب وأن تبحث في مصدر هذه الأموال .
وإن كان ابنك يتغيب عن البيت تغيبًا غير معهود من قبل ، وبخاصة إذا تضمن غيابه مبيتا أو خروجا في أوقات غير طبيعية ، فعليك أن تعرف أين ذهب ؟ ومع من ؟ وماذا يصنع في غيابه ؟ وفي هذه الأوقات التي يتغيب فيها بطريقة مريبة أو مقلقة .
وإذا وجدت تغيرًا طارئا ومفاجئا في سلوكياته وتصرفاته سلبا أو إيجابا ، فعليك أن تبحث في أسباب هذا التغير .
وإذا وجدت الولد قد أخذ يكذب ويتمادى في الكذب ، فاعلم أن عدوى هذه الجماعات التي تستحل الكذب وتؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة قد انتقلت إليه .
كما يجب عليك أن تقترب من أبنائك وأن تناقشهم في الأمور العامة على أن يكون نقاشك هادئا وهادفا واستكشافيا ، وأن تعطيه الفرصة الكاملة ليعبر عن رأيه دون قهر أو كبت أو حجر على رأيه ، وأن تتحمل منه تحمل الصديق لصديقه أو الخادم لمخدومه حتى تصل من خلال الحوار العاقل معه إلى ما تريد ، حرصا عليه ، وحبًا له ، وأداء لواجبك تجاهه .
كما يجب عليك أن تكشف لهم عن حقيقة الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي لا تؤمن بوطن ولا دولة وطنية ، وأنها لا تخدم سوى أعداء الدين والوطن , وأنهم عملاء لمن يمولونهم , خونة لدينهم وأوطانهم , يستخدمهم أعداؤنا لإضعاف أمتنا وتمزيقها وتفتيت كيانها من جهة , وتشويه الوجه الحضاري النقي السمح لديننا الحنيف من جهة أخرى .