قراءة في كلمة سيادة الرئيس في ذكرى المولد
حملت كلمة سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي في ذكرى المولد النبوي الشريف على إيجازها معاني واسعة، وقدمت خارطة عمل لمواجهة قوى الإرهاب والشر ، وتضمنت هذه الخارطة ثلاثة محاور رئيسية ، أولها : المواجهة العسكرية والأمنية ، حيث تتسم المرحلة المقبلة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين بالحسم الشديد الذي عبر عنه سيادة الرئيس بالقوة الغاشمة ، وإذا كان رب العالمين ( عزَّ وجلَّ ) ، قد قال في شأن مرتكبي الفاحشة ” وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ ” (النور : 2) ، فإن مواجهة قوى الإرهاب والشر ومن ينتهكون حرمات الله ويتعدون حدوده ، ويدخلون في حرب معلنة مع الله ورسوله ، باستهداف بيوته الآمنة ، واستباحة دماء الراكعين الساجدين ، رجالًا ونساءً وأطفالًا ، إنما يجب أن تكون مواجهه أكثر حسماً لا تأخذنا فيها بهؤلاء المجرمين رأفة ولا رحمة ، انطلاقاً من قوله تعالى في كتابه العزيز ” إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” (المائدة : 33 ) .
المحور الثاني : محور التنمية الاقتصادية المستدامة ، حيث وجه سيادته توجيهًا مباشرًا بمواصلة التنمية الشاملة في ربوع الوطن كافة وخص مدينة بئر العبد بتوجيه خاص ردًا على الاستهداف الإرهابي ، وتأكيداً على أننا نواجه صناع الموت بصناعة الحياة ، ودعاة الهدم والتخريب والفساد والإفساد بمزيد من البناء والتعمير والعمل الجاد،وتوفير الخدمات الأساسية لحياة كريمة في جميع أرجاء الوطن ، في مقابل عتو وإجرام وإفساد هؤلاء المجرمين الخونة العملاء المستأجرين المفسدين الذين ينطبق عليهم قوله تعالى ” وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ” (المائدة : 64 ) .
أما المحور الثالث الذي وصفه سيادة الرئيس بأنه لا يقل أهمية عن المحورين السابقين ، فهو محور المواجهة الفكرية والثقافية ، وقد أكد سيادته أن جهة واحدة أو مؤسسة واحدة لا يمكن أن تقوم منفردة بهذه المواجهة ، مما يتطلب التكاتف والتعاون والتنسيق والعمل الجاد المشترك بين المؤسسات الدينية والثقافية والتربوية والإعلامية ، قصد تحصين شبابنا وأبنائنا والمجتمع بأسره من شرور هؤلاء الإرهابيين ومحاولات تجنيدهم للشباب أو استقطابهم إياهم ، وهي مسئولية كبيرة وأمانة عظيمة نسأل الله ( عزَّ وجلَّ ) أن يُعيننا جميعًا متضامنين على الوفاء بحقها والقيام بها على خير وجه .
على أن سيادة الرئيس قد حملنا أمانة عظيمة ومسئولية كبيرة ، حين توجه إلى الأئمة والعلماء الحاضرين مخاطبًا جموع الأئمة والعلماء من خلال مخاطبة سيادته إياهم ، حين وصفهم بأنهم كتائب النور ، فهذا الوصف مع كونه طوق عز وفخر لجميع العاملين في الحقل الدعوي فإنه يُلقي على عاتقنا جميعاً مسئولية كبيرة ، لنكون على قدر الوصف والمسئولية ، وعند حُسن ظن سيادته بنا ، وألا ننام أو يغمض لنا جفن حتى نؤدي حق هذه المهمة العظيمة التي شرفنا الله بها ، وحتى نؤدي رسالتنا كاملة وواجبنا وافيًا تجاه ديننا وأمتنا ، وأن نحول بكل ما أوتينا من قوة بين المخططين لتشويه صورة ديننا الحنيف وبين تحقيق أهدافهم الشيطانية .
وأوكد أنني وزملائي سنكون بإذن الله تعالى عند حُسن ظن سيادته بنا ، وسنجتهد أن نحمل مشاعل النور التي أشار سيادته إليها إلى الناس جميعًا ، بداية من جميع ربوع وطننا : مُدنهِ وقراه، ونجوعه وكفوره ، بين رجاله ونسائه ، وشبابه وأطفاله ، على اختلاف شرائحهم الثقافية والاجتماعية. وأن نعمل على حمل صوت الإسلام الوسطي إلى العالم كله عبر إيفاد الأئمة إلى مختلف دول العالم ، وإمداد المراكز الإسلامية في العالم كله بإصداراتنا المترجمة إلى اللغات المختلفة ، وعقد المؤتمرات الدولية والتي يأتي في سياقها المؤتمر الدولي القادم للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف والذي سيعقد بإذن الله تعالى في يناير 2018 تحت
عنوان ” صناعة الإرهاب وحتمية المواجهة وآلياتها ” حيث يتناول آليات المواجهة من أبعادها المختلفة العسكرية والأمنية والاقتصادية والفكرية والثقافية بمشاركة نخبة مختارة من علماء الدين والمثقفين والإعلاميين والكُتاب ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد ، والخبراء العسكريين والأمنيين ، وعلماء النفس والإجتماع ، من داخل مصر وخارجها ، وهو ما يتفق مع ما ذكره سيادة الرئيس من محاور في كلمته الجامعة في ذكرى المولد النبوي الشريف .