خدمة القرآن
خدمة القرآن الكريم شرف لكل مسلم ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):”خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ” (صحيح البخاري) ، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ” (سنن ابن ماجه) .
على أن كل من سخَّر نفسه لخدمة كتاب الله (عز وجل) أكرمه الله في الدنيا والآخرة ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “يقالُ لصاحبِ القرآن: اقرَأ وارتَقِ، ورتِّل كما كُنْتَ ترتِّل في الدُنيا ، فإن منزِلَكَ عندَ آخرِ آية تقرؤها” (سنن أبي داود) ، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجًا ضَوؤُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا وَكَانَتْ فِيهِ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهِ” ، ويقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): ” يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً “(سنن الترمذي).
وخدمة كتاب الله تشمل العناية به حفظًا ، وطباعة ، وتعليمًا ، وإكرام أهله ، وتشجيع حفظته وبخاصة من الناشئة ، والشباب .
ومن هنا كانت المسابقة العالمية السنوية للقرآن الكريم التي تعقدها وزارة الأوقاف ورصدت لها مكافآت مشجعة تبلغ مليون جنيه سنويًا ، حيث يحصل الفائز الأول في الفرع الأول على مائة وخمسين ألف جنيه ، والثاني على مائة ألف جنيه ، والفائز الثالث على ثمانين ألف جنيه، وفي الفرعين الثاني والثالث يحصل الفائز الأول في كل منهما على مائة وخمسة وعشرين ألف جنيه ، والفائز الثاني في كل منهما على ثمانين ألف جنيه، والفائز الثالث في كل منهما على خمسين ألف جنيه ، وفي الفرع الرابع يحصل الفائز الأول على ثمانين ألف جنيه والفائز الثاني على ستين ألف جنيه والفائز الثالث على أربعين ألف جنيه .
ولا تقف خدمة كتاب الله عند ذلك إنما تتجاوزه إلى التدبر والتأمل والعمل على فهم المقاصد العامة والأحكام التشريعية والقيم الأخلاقية في القرآن الكريم ، وتحويلها إلى واقع عملي وتطبيقي في حياتنا على نحو ما وصفت أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت : ” كَانَ خلقه الْقُرْآن ” ، وقالت : كان (صلى الله عليه وسلم) “قرآنًا يمشي على الأرض”.
ومن مجالات خدمة القرآن الكريم إحياء المدارس والمدرسة العلمية حول كتاب الله (عز وجل) في مجال التجويد والقراءات وفقه القراءات القرآنية ، والتفسير وعلوم القرآن ، ودروس الأوجه اللغوية والبيانية وأثرها على المعنى ، مع دراسة دلالات السباق والسياق واللحاق ، وأوجه الإعجاز القرآني ، فهو الكتاب الذي لا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنتهي عجائبه ، وهو أعلى درجات البلاغة والفصاحة والبيان ، يتدفق الإعجاز من جميع جوانبه تدفقًا لا شاطئ له ، فهو الذي يهجم عليك الحسن منه دفعة واحدةً ، فلا تدري أجاءك الحسن من جهة لفظه أم من جهة معناه ، إذ لا تكاد الألفاظ تصل إلى الآذان حتى تكون المعاني قد وصلت إلى القلوب.
وهو أحسن القصص ، حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبيه (صلى الله عليه وسلم) : ” نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ” (يوسف:3) ، وهو أحسن الحديث ، حيث يقول الحق سبحانه:” اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِل اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ” (الزمر : 23).
فهو كتاب هداية ، وكتاب رحمة ، وكتاب نور ، وكتاب هدى ، ” وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ” (فصلت : 41-42) ، فيه عزنا وشرفنا ، وسنسأل يوم القيامة ماذا قدمنا لخدمته وماذا عملنا فيما أمرنا به ونهانا عنه ، حيث يقول الحق سبحانه: ” وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ” (الزخرف : 44).