:أهم الأخبارمقالات

لصوص الخدمات

السرقة هي السرقة ، واللص هو اللص ، والحرام هو الحرام ، سواء أسرق السارق المال نقدًا أم مقومًا أم في شكل خدمة احتال في عدم سداد مقابلها ، سواء أكان ذلك في مجال الكهرباء ، أم في مجال المياه ، أم في استخدام وسائل النقل ، أم في مجال الاتصالات ، أم في أي مجال آخر.

وفي هذا نؤكد على ما يأتي :

أولاً : أن حرمة المال العام أعظم وأشد من حرمة المال الخاص ، فالمال الخاص له صاحبه المعين الذي لن يترك الدفاع عنه ، ويعمل على استرداد حقه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، أما المال العام فهو مال المجتمع بأسره ، مال الوطن مشتركًا ، والاعتداء عليه اعتداء على المجتمع كله ، وعلى الوطن بكامله ، وعلى بناء الدولة وكيانها .

ثانيًا : إذا كان الإنسان لا يمكن أن يترك ماله نهبًا للسرقة أو الضياع فإن أي موظف أو قائم على المال العام يقصر في الحفاظ عليه هو آثم وخائن للأمانة ، وإذا تسبب بإهماله في ضياع المال أو تلفه أو عدم تحصيله ارتكب بذلك إثمًا عظيمًا ، فضياع المال إهمالاً كضياعه اختلاسًا ، كضياعه إرهابًا ، فهو ضياع للمال على أية حال كان .

ثالثًا : أن المجتمع بأسره وبجميع أبنائه مطالبون بالحفاظ على المال العام ، والحرص عليه ، والعمل على تنميته ، وحمايته من كل يد يمكن أن تمتد إليه بغير حق ، أو أن تتسبب في ضياعه إهمالاً أو اختلاسًا .

رابعًا : أن لصوص الخدمات لا يقلون خطرًا عن لصوص المال والأعيان ، ويجب تغليظ العقوبة على كل معتد على المال العام ، وبخاصة في مجال الخدمات ؛ لأن هؤلاء اللصوص إنما يؤثرون على مستوى هذه الخدمات ، ويرهقون المنتظمين في سداد مقابلها ، فهم معتدون على حق المجتمع بأسره ، ويعيشون عالة وسحتًا على حساب  من ينتظمون في دفع مقابل هذه الخدمات ، أو على حساب ما يقدم لها من دعمٍ من المال العام الذي هو مال أبناء الوطن جميعًا .

خامسًا : أن هناك فئة أشد ظلمًا وبغيًا وجرمًا وإثمًا وخيانة من هؤلاء اللصوص ، هم أولئك المفسدون الذين يعملون على إتلاف الخدمات أو تعطيلها لحرمان المجتمع منها ، وهم هؤلاء العناصر الإرهابية التي تستخدمها جماعة الإخوان وغيرها من جماعات الشر والإرهاب والضلال والإفساد لتعطيل هذه الخدمات ، بل ومحاولات تدميرها إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ، مما يتطلب تغليظ العقوبة على كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن وسلامة مقدراته الخدمية والاقتصادية.

سادسًا : أن ندرك جميعًا حرمة أمرين :

الأول : حرمة الفساد والإفساد ، والتخريب والتدمير الذي لا يقوم به إلا من طمست بصائرهم من أصحاب القلوب السوداء والنفوس المريضة ، وبخاصة هؤلاء المنافقون الذين يعيشون بين ظهرانينا يأكلون من طعامنا ويلبسون مثل ثيابنا ويطعنوننا في ظهورنا ، يخادعون بالكلام المعسول وما تخفي صدورهم أكبر ، حيث يقول الحق سبحانه : “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ ” (البقرة : 204-205).

الأمر الآخر : أن من يراوغون في سداد مقابل الخدمات ويتهربون منه آكلون للسحت ، يصدق فيهم قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ نبتَ من سحتٍ ، وكلُّ لحمٍ نبتَ من سحتٍ فالنارُ أولى به” (المعجم الصغير) ، فالمال الحرام مدمر لصاحبه في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فإن الحرام يُذهب بركة الحلال ، بل يمحق الحلال نفسه ، ولا يقبل معه دعاء ولا صدقة ، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ” (رواه ابن ماجه) ، وإذا ذهب آكل الحرام حاجًّا أو معتمرًا يرفع يديه إلى السماء يقول : لبيك اللهم لبيك ، قيل له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك ، فمالك حرام ، وملبسك حرام ، ونفقتك حرام ، فأنى يستجاب لك .

أما في الآخرة فالأمر أشد وأدهى حيث يقول الحق سبحانه : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً ” (النساء :-3029) .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى