:أهم الأخبارمقالات

العدالة الإدارية

العدل هو العدل ، والظلم هو الظلم ، فالعدل نور لصاحبه في الدنيا والآخرة ، والظلم ظلمات يوم القيامة ، ولذا جعل نبينا (صلى الله عليه وسلم) الإمام العادل في مقدمة السبعة الذين يظلهم الله (عز وجل) في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ” ، ونهى (صلى الله عليه وسلم) عن الظلم بجميع أنواعه حتى في تحصيل الزكاة، فقال (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه) حين بعثه إلى اليمن : ” فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ “.

إنّ العدل ميزان الله الّذي وضعه للخلق، ونصبه للحقّ , فلا تخالفه في ميزانه، ولا تعارضه في سلطانه.

على أن هذا العدل الذي ننشده ليس مسئولية رئيس الدولة وحده , ولا السلطة الأعلى في أي مؤسسة وحدها ، فإن المسئولية في تحقيق العدالة تقع على كل من ولاه الله أمر مجموعة من الناس في أي مجال من المجالات ”  كلُّكم راعٍ، وكلُّكُم مسئولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ ” ، فمدير المدرسة , إلى مدير الإدارة ، إلى مدير المديرية , إلى وكيل الوزارة , إلى  رئيس القطاع , كل في مجاله وميدانه مسئول عن تحقيق العدالة بين مرؤسيه وبين المستفيدين من الخدمة التي تقدمها المؤسسة ، وكذلك الحال في القسم , والكلية , والجامعة ، وكذلك الأمر بالوحدة الصحية , فالمستشفى ، فالإدارة الطبية ، فالمديرية ، فالقطاع الطبي ، وكذلك الحال في الزراعة , والأوقاف ، والإسكان ، والكهرباء، وسائر الوحدات المحلية ، والخدمية ، والإدارية .

إن تحقيق العدل الإداري بين الموظفين , وتحقيق العدل في تقديم الخدمات ، وفي التعيينات ، وفي الترقيات ، وفي السفر ، وفي الإيفاد والبعثات ، ووضع ضوابط واضحة وحاسمة وصارمة وشفافة ودقيقة أمر في غاية الأهمية ، ويسهم في تحقق الرضا المجتمعي ، وقوة الإيمان بالدولة , ويعمق الولاء والانتماء لها ، في حين أن الإقصاء الإداري بلا سبب حقيقي واضح ومعلوم يؤدي إلى السخط والاحتقان ، أما الظلم فهو محض ظلمات ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ”  ، ويقول سيحانه : ” وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً “.

ونستطيع أن نضرب أنموذجًا بما حققناه في مسابقة الأوقاف المصرية في جميع مسابقات الإيفاد والابتعاث ومسابقات الأئمة والعمال من مقاييس واضحة وشفافة ومعلنة معتمدة على ضوابط محددة وواضحة ، بحيث نستطيع أن نؤكد ومن خلال التجربة أن إماما واحدًا لم يُقْبل بأي درجة من درجات المجاملة ، أو المحسوبية ، أو دون استحقاق ، ومن كانت لديه حالة واحدة فليشر لنا إليها ، ويقول : هذا الإمام تم قبوله دون استحقاق ، على أننا لا نذكر ذلك مباهاة، فهذا واجبنا , وهذا هو الأصل ، وهو ما ينبغي أن نفعله ، وهو ما لو حدنا عنه لكنا مقصرين في واجبنا , وفي الأمانة التي تحملناها ، وفي القسم الذي أقسمناه ، غير أني أذكر ذلك الأنموذج لأمرين : الأول هو أننا قادرون على أن نحقق العدالة الإدارية والاجتماعية والمجتمعية متى توفرت الإرادة لدينا , وأن هذا الأمر ليس مستحيلاً.

الأمر الآخر : هو مدى حالة الرضا العام الذي يحدث عند تحقيق العدالة , حيث سمع بعض زملائنا من أساتذة الجامعة المراقبين على الامتحانات من يقول  : حتى لو لم ننجح فنحن مطمئنون أنه لن ينجح إلا من يستحق ومن هو أفضل منا ، وأختم بهذه الرسالة التي وصلتني من أحد المتقدمين للمسابقة ، حيث أرسلها على بريدي الخاص يقول فيها : “لقد صار عند الجميع قناعة أنه لا نجاح إلا لمن يستحق وبجدارة , وباختصار كان المتقدمون للمسابقات قديما يبحثون عن واسطة أو رشوة , أما اليوم فيبحثون عن المصحف والكتاب والمذكرة “

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى