:أخبار وآراءأهم الأخبار

في ذكرى مولد الهادي
(صلى الله عليه وسلم)

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

حديث القرآن عن محمد (صلى الله عليه وسلم)

         تحدث القرآن الكريم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثًا كاشفًا عن مكانته وأخلاقه وكثير من جوانب حياته , فهو نبي الرحمة , حيث يقول الحق سبحانه : “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” , ويقول سبحانه : “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” , ويقول (عز وجل) : “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” .

     لقد زكى ربه لسانه , فقال سبحانه : “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى” , وزكى فؤاده , فقال : ” مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ” , وزكى معلمه , فقال : ” عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ” , وزكى خلقه , فقال : ” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” ,    وشرح صدره , فقال : ” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ” , ورفع ذكره , فقال : ” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ” , وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , فقال سبحانه : ” إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ “.

     وإذا كان موسى (عليه السلام) قد طلب من ربه أن يشرح له صدره في دعائه , حيث قَال : ” رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ” , فإن الله (عز وجل) قد منّ على نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فشرح له صدره منّة منه وفضلاً , وإذا كان موسى (عليه السلام) قد توجه إلى رب العزة (عز وجل) بقوله : “وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى” , فإن الله (عز وجل) قد أكرم نبينا (صلى الله عليه وسلم) بقوله تعالى : “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى” .

      فنبينا (صلى الله عليه وسلم) دعوة أبينا إبراهيم (عليه السلام) , حيث دعا ربه بقوله : ” رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” , وهو بشرى عيسى (عليه السلام) , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ” .

      قرن الحق سبحانه وتعالى طاعته (صلى الله عليه وسلم) بطاعته , فقال سبحانه : ” مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ” ,  وجعل حبه (صلى الله عليه وسلم) وسيلة لحب الله (عز وجل) , فقال سبحانه : ” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” , وجعل بيعته (صلى الله عليه وسلم) بيعة لله (عز وجل) : ” فقال سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ” .

        وحذر سبحانه وتعالى من مخالفة أمره (صلى الله عليه وسلم) فقال (عز وجل) : ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ” , مؤكدًا أن الإيمان به (صلى الله عليه وسلم) لا يكتمل إلا بالنزول على حكمه عن رضى وطيب نفس , فقال سبحانه : ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ” .

         وقد أكرمه ربه حتى في مخاطبته وندائه , فحيث نادى رب العزة (عز وجل) سائر الأنبياء بأسمائهم : “يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ” , “يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ” , “يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا” , ” يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى ” , “يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” , خاطب نبينا (صلى الله عليه وسلم) خطابًا مقرونًا بشرف الرسالة أو النبوة, أو صفة إكرام وتفضل وملاطفة , فقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ” , ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ” , ” يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ” , “يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ” , وعندما شرَّفَهُ الحق (سبحانه وتعالى) بذكر اسمه في القرآن الكريم ذكره مقرونًا بعز الرسالة , فقال سبحانه وتعالى : ” مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ” , وقال سبحانه وتعالى : ” وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ” , وأخذ العهد على الأنبياء والرسل ليؤمنن به ولينصرنه , فقال سبحانه : ” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ” .

         ومن إكرام الله (عز وجل) له (صلى الله عليه وسلم) أن جعل رسالته للناس عامة , حيث كان كل رسول يرسل إلى قومه خاصة , أما حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد أرسله ربه (عز وجل) إلى الناس عامة , فقال سبحانه : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ” , وختم برسالته الرسالات , وختم به (صلى الله عليه وسلم) الأنبياء والرسل , فقال سبحانه وتعالى : ” مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ “.

        صلى ربه (عز وجل) بنفسه عليه , وأمر ملائكته والمؤمنين بالصلاة عليه , فقال سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ” , وجعل صلاته على المؤمنين رحمة وسكينة لهم , فقال سبحانه : ” وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” .

         وبهذا نختم وندعو إلى الإكثار من الصلاة والسلام على الحبيب (صلى الله عليه وسلم) , لأن من صلى على النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاة صلى الله بها عليه عشرًا , كما أن صلاتنا معروضة عليه (صلى الله عليه وسلم) , وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْراً ، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو ، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ ” .


محمد نبي الرحمة

        أرسل الله (عز وجل) نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين , فقال سبحانه : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ” , وعرف نبينا (صلى الله عليه وسلم) نفسه , فقال : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ ” , وأكد القرآن الكريم ذلك , فقال : ” لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ” .

        فكتابه (صلى الله عليه وسلم) كتاب رحمة , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ” , ودينه دين الرحمة والأمن والأمان والسلام للبشرية جمعاء , دين يرسخُ أسس التعايش السلمي بين البشر جميعًا , يحقنُ الدماءَ كل الدماء , ويحفظُ الأموال كل الأموال , على أسس إنسانيةٍ خالصةٍ دون تفرقة بين الناس على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق , فكل الأنفس حرام , وكل الأعراض مصانة , وكل الأموال محفوظة , وكل الأمانات مؤداةٌ لأهلها ، وبلا أي استثناءات , وهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) عند هجرته إلى المدينة يترك عليَّ بن أبي طالب بمكة ليردَّ الأماناتِ إلى من آذوه وأخرجوه وجردوا كثيرًا من أصحابه من أموالهم وممتلكاتهم .

        ويومَ الطائفِ عندما سلطوا عليه عبيدهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين , وجاءه مَلْكُ الجبال يقول : ” يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلْكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي اللهُ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فإِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ” (وهما جبلان بمكة) فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : “بَلْ أقول : اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون , إني لأَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يقول لا إله إلا الله ” , ولمّا قِيلَ له : ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ , قَالَ : “إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً “.

      فالإسلامُ دين رحمة وسلام للعالم كله , ولا يوجد في الإسلام قتلٌ على المعتقد قط , فعندما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) امرأة كافرة مقتولة في ساحة القتال , قال (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ قتلها ؟ مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ ” , بما يؤكد أن القتل ليس مقابلا للكفر , إنما يكون القتال لدفع العدوان , فلا إكراه في الدين , ولا فظاظة في القول , يقول الحق سبحانه لنبينا : ” وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” , وعندما خاطب القرآن الكريم الكفار على لسان نبينا (صلى الله عليه وسلم) ولسان أصحابه قال : ” وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ” , ولم يقل : نحن على هدى وأنتم في ضلال مبين مع تحقق ضلالهم , بما يعرف لدى علماء البلاغة بأسلوب الإنصاف , فهذه ثقافتنا التي تنصف الآخر حتى في القول .

        لقد أمر الإسلام بالقول الحسن , فقال سبحانه : ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ” , للناس كل الناس , بل قولوا : التي هي أحسن , ” وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ” , وافعلوا التي أحسن , “وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ” , هذا هو نبينا وهذه هي أخلاق من قال : “بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” .

       وإذا كان ديننا إنما هو دين الرحمة , وكتابنا كتاب الرحمة , ونبينا (صلى الله عليه وسلم) إنما هو نبي الرحمة , فما بالنا ؟ وما الذي أصابنا ؟ وما الذي وصل ببعض المحسوبين على ديننا إلى هذه القسوة ؟ وما المخرج ؟ .

        لا شك أن عوامل كثيرة كانت وراء ذلك ، منها سيطرة غير المتخصصين على الخطاب الدعوي واختطافهم له لفترات زمنية طويلة , واعتقاد بعضهم اعتقادًا خاطئًا أن زيادة التشدد زيادة في التدين , فكل هذه المفاهيم الخاطئة قد صارت في حاجة ملحة إلي تصويبها , مع التأكيد على أن الإسلام هو دين الرحمة والسماحة واليسر , فأهل العلم على أن الفقه هو التيسير بدليل , ولم يقل أحد ممن يعتد بعلمه في القديم ولا في الحديث إن الفقه هو التشدد , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ” , ويقول (عز وجل) : ” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ ” , ويقول سبحانه : ” وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ” ، وما خُيّرَ نبينا (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم ، فإن كان إثما أو قطيعة رحم كان (صلى الله ليه وسلم) أبعد الناس عنه .


النبي الإنسان

         يقول الحق سبحانه على لسان الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) : ” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ” ، ويقول سبحانه على لسان كفار قريش : ” وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلًا مَّسْحُورًا ” ، ويقول (عز وجل) على لسانهم أيضًا : “وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولًا” .

         وعندما ننظر في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) نجد أنها مفعمة بكل الجوانب الإنسانية ، فهو الزوج نعم الزوج ، والأب نعم الأب ، والجد نعم الجد ، فهو خير الناس لأهله ، ولأصحابه ، ولأمته ، وللعالمين ، فهذه زوجه خديجة (رضي الله عنها) تصفه (صلى الله عليه وسلم) فتقول : ” إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ” وها هو (صلى الله عليه وسلم) يحفظ لها عهدها ، ذلك أن عجوزًا كانت تزوره (صلى الله عليه وسلم) فيقوم لها ويكرم وفادتها ، فلما سألته السيدة عائشة عن سر إكرامه لها ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : إنها كانت تأتينا على عهد خديجة، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ ” .

        وقد كان (صلى الله عليه وسلم ) في خدمة أهله ، ولما سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ (رضي الله عنها) هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ} وفي رواية (مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِه” .

وكما كان (صلى الله عليه وسلم) نعم الزوج كان نعم الأب ونعم الجد ، ونعم الصاحب ونعم الجار ، وها هو تدمع عيناه عند وفاة ابنه إبراهيم (عليه السلام) ، فقال له سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) : وأنت يا رسول الله ؟! فيقول (صلى الله عليه وسلم) :  “يا ابن عوف إنها رحمة ” ثم قال: ” إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون”.

وسجد (صلى الله عليه وسلم) يوما فأطال السجود ، فلما قضى الصلاة ، قال الناس : يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، أو أنه يوحى إليك ، قال: ( كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني – ركب على ظهري – فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته).

وعن أبي قتادة الأنصاري (رضي الله عنه (أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يصليّ وهو حامل أُمَامَة بنت زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

وعندما كان ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب على المنبر وجد الحسن والحسين يتعثران فنزل من على المنبر واستلمهما وقبلهما ، فعن عَبْد اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنَ الْمِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: (صَدَقَ اللَّهُ: ” إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ” نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا).

وعندما وجد في نفوس بعض الأنصار شيئًا أن فضل عليهم في العطاء بعض حديثي الإسلام جمعهم (صلى الله عليه وسلم) وقال:” يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ: مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ؟ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلّالًا فَهَدَاكُمْ اللّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللّهُ بِي؟ وَأَعْدَاءً فَأَلّفَ اللّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟) قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ وَأَفْضَلُ. ثُمّ قَالَ: (أَلَا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟) قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُك يَا رَسُولَ اللّهِ؟ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْلُ. قَالَ: (أَمَا وَاَللّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدّقْتُمْ: “أَتَيْتَنَا مُكَذّبًا فَصَدّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ”، أَوَجَدْتُمْ عَلَيّ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا؟، وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاءِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ؟ فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النّاسُ شِعْبًا وَوَادِيًا، وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا وَوَادِيًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ وَوَادِيَهَا، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنّاسُ دِثَارٌ5، اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ) فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا: رضينا برسول الله (صلى الله عليه وسلم) قسمًا وحظًّا”.

   وكان (صلى الله عليه وسلم) يذكر لأهل الفضل من أصحابه فضلهم برًا ووفاء ، فكان (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ “.


نسائم مولد الهادي

      مع اقتراب شهر ربيع الأول نستشعر هبوب نسائم مولد الهادي محمد (صلى الله عليه وسلم) تفوح عطرًا وأريجا في الأجواء كلها , حتى لكأن الهواء غير الهواء , والأجواء غير الأجواء , والأزمنة غير الأزمنة , شأن من يستنشقون عن بعد عطر المكان عندما يقترب الحاج أو المعتمر أو الزائر من حرم الله الآمنه أو حرم رسوله وساحته المباركة , ولا سيما قلوب الهائمين والمحببين والعاشقين والمتشوقين لسيرته العطرة .

        وإذا كان أحد المحبين قد سأل صاحبه : ماذا بلغ بك حب فلانة ؟ فقال : بلغ بي أن أرى الشمس فوق جدران بيتها أجمل منها فوق جدران بيوت جاراتها , وأرى الهواء الذي يهب من جهة منزلها واتجاه مسكنها نسيمًا عليلا غير هذا الهواء الذي يأتي من أي جهة أخرى , وأري القمر فوق قريتها غيره فوق سائر القرى , وأجد للأسماء التي تشاكل اسمها جرسًا دون سائر الأسماء , وللوافد من جوارها مَقْدِما غير مقدم الوافد من سائر الأقطار , فكيف بمن امتلأ قلبه بحب الحبيب (صلى الله عليه وسلم) حتى امتزج هذا الحب بلحمه ودمه , ولازمه في النوم واليقظة ؟ ! ولله در قائل :

كل القلوب الى الحبيب تميـل

ومعي بهـــــذا شاهــــدا ودليـــل

امــا الدليـل اذا ذكرت محمـدًا

صارت دمـوع العاشقيــن تسيــل

هذا رسول الله هذا المصطفى

هـذا لكـــل العالميــــن رســـول

                    ويقول الآخر :

وممـــا زادنــــي شرفـــــــًا و تيهــــــًا

وكـــدت بأخمصــــي أطـــأ الثريـــا

دخولـي تحت قولك : يا عبادي

وأن صيَّــــرت أحمـــد لـــي نبيـــــا

        ولله در شوقي حيث يقول :

سَــــــرَت بَشائِــــــرُ باِلهــــــــادي وَمَولِـــــــــدِهِ

فـي الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَـمِ

وَنــــودِيَ اِقـــــــــرَأ تَعالــــــى اللـهُ قائِلُهــــــــا

لَم تَتَّصِل قَبـــــلَ مَــن قيلَـــت لَــــهُ بِفَـــــــــمِ

هُنــــــــاكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَــــــــــنِ فَاِمتَـــــــــــلأَتْ

أَسمـــــــاعُ مَكَّـــــــةَ مِـــــــــن قُدسِيَّـــــةِ النَغَمِ

تَخَطَّفَـــتْ مُهَــــجَ الطاغيـــــنَ مِن عَــــــــرَبٍ

وَطَيَّـــــــرَت أَنفُــــــسَ الباغيـــــنَ مِن عُجُـــمِ

مُحَمَّـــــدٌ صَفـــــــــوَةُ البـــــــاري وَرَحمَتُــــــهُ

وسيد الخلـــق من عـــرب ومـــــــن عجــــــم

      ففي ذكرى مولده ينبغي أن نتدارس سيرته , وأن نحيي سنته , وأن نتخلق بأخلاقه وأن نحيي ذلك في نفوسنا وقلوبنا وبيوتنا ونفوس أزواجنا وأبنائنا وأصدقائنا وجيراننا , وكل محبي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) : ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” (الأحزاب : 21) , كما يجب أن نعطر في هذه الذكرى الحسنة ألسنتنا وبيوتنا وأجواءنا بكثرة الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (الأحزاب : 56) , وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً ) ، وعن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)  قال : ( إِنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَشَّرَنِي وَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ، يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا) ، وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ) ، وقال عليه الصلاة والسلام:  (أَكْثِرُوا عَلَيَّ من الصلاةِ في كُلّ يومِ جُمُعَةٍ، فإنَّ صلاةَ أُمّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ في كُلّ يومِ جُمُعَةٍ، فمن كانَ أَكْثَرَهُمْ عليَّ صلاةً كانَ أَقْرَبَهُمْ مِنّي مَنْزِلَةً ) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ” (صحيح مسلم).

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى