:أهم الأخبارمقالات

الانحياز الإيجابي

أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

مفهوم الانحياز  قد يذهب فيه العقل أول ما يذهب إلى المعنى السلبي للانحياز الذي قد يفهم على أنه لون من التبعية أو المجاملة أو المداراة أو حتى المواءمة ، وعدم الانحياز قد يفسر عند البعض بالاستقلال لا التبعية ، بل إن البعض قد يفهم عدم الانحياز على أنه نفض اليد نفضًا كاملا من أي حديث إيجابي عمن يكون بيده مقاليد الأمور على أي مستوى إداري أو تنفيذي أو سلطوي ، بل قد يفهم البعض أن عدم الانحياز يعني فقط إبراز الجوانب السلبية وأن النقد لديه قد ينحسر أو ينحصر في باب إبراز المثالب .

على أن النقد الحقيقي المنصف المتزن لدى المتخصصين المدققين يعني التمييز بين الجيد والرديء ، وإن الإنصاف في النقد يعني أن نقول لمن أحسن أحسنت ونشد على يديه ونسانده ، ولمن أساء أو قصر أسأت أو قصرت ، ونأخذ على يديه .

وقد تتجاوز مهمة الناقد ذلك إلى بيان طريق الرشاد والسبيل الأمثل لمعالجة وحل المشكلات  وقد تتناول الأمر بالتحليل والتفسير والرصد قصد مساعدة متخذ القرار على اتخاذ القرار المناسب ، وتقديم رؤى متعددة تجعل  زاوية النظر والرؤية  لدى متخذ القرار أوسع وأصوب وأدق .

ويمكن أن نقسم  الانحياز قسمين : الانحياز السلبي وهو  ذلك الانحياز الأعمى الذي يعني التبعية المقيتة ، وهو ذلك الانحياز الذي تحكمه المنفعة الشخصية التي تضرب بالمصلحة العامة عرض الحائط، وهو ذلك الانحياز للجماعات الهدامة الإرهابية والمتشددة ، التي تكون طاعة الأمير أو المرشد فيها طاعة عمياء ، أو تلك التي تصل بالبشر  العاديين لدى بعض الأيدولوجيات إلى درجة عصمة الأنبياء أو ما فوقها ، بحيث إن أحدهم قد يجادلك في نص قرآني أو نبوي صحيح ثابت ولا يسمح لك أن تناقشه أو تحاوره حول كلام شيخه أو أميره أو مرشده  ، الانحياز السلبي هو الذي تحكمه مجرد العاطفة دون إعمال للعقل أو فهم للموقف أو تقدير للمصلحة ، وهو الذي يكون الحب والبغض فيه شخصيًا لا مهنيًا ولا موضوعيًا .

أما الانحياز الإيجابي فهو  ذلك الانحياز المنهجي المهني الموضوعي ، هو ذلك الانحياز الوطني الذي يصب في مصلحة الوطن ويعمل لها ويدور معها حيث دارت ، هو الانحياز للوطن وبكل قوة وحسم وبلا أدنى تردد أو توجس أو تخوف في مواجهة المتربصين ولا سيما في أوقات الشدائد والمحن وشدة التحديات ، وهو ذلك الانحياز الذي يجب أن نميل إليه وأن نفخر به ونجعله وسامًا على صدورنا نشعر معه بالعزة والفخر ، الانحياز المطلق للحق حيث كان وكيف دار ، ولمصلحة الوطن ، وكل من يعمل لصالح هذا الوطن .

الانحياز الإيجابي هو الانحياز إلى قوى ومؤسسات الوسطية والاعتدال والوطنية في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات المتطرفة ودعاة التطرف ، وكشف طبيعتهم وتفنيد أفكارهم وعدم تمكينهم من مقاليد الأمور السياسية أو الإدارية أو الفكرية أو الثقافية أو الدعوية .

وقد أكدت في لقاءاتي المتعددة بنخبة من خيرة شباب مصر فهمًا ووعيًا ووطنية هم شباب البرنامج الرئاسي في مؤتمرهم الأول أننا جميعًا ننحاز إلى الوطن ومصلحة الوطن ، وجزء من انحيازنا لهذا الوطن هو انحيازنا للتمكين للشباب الواعي وتأهيلهم وتدريبهم تدريبًا عاليًا يجعل منهم شركاء في النهوض بالوطن وقادة في الحاضر والمستقبل فأملنا في الله عز وجل ثم فيهم كبير ، وأملنا في مستقبل أفضل لمصر في ظل قيادتها السياسية الحكيمة وعلى رأسها سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بحكمته ووطنيته أمل كبير يدعو إلى التفاؤل وإلى مزيد من الانحياز للوطن.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى