:أهم الأخبارمقالات

ماذا يــراد بمصــر ؟

Mokhtar-Gomaa

ماذا يراد بمصر بعد كل ما قدمت وتقدم في مواجهة الإرهاب , وحرصها على أمن وسلام الإنسانية ؟! سؤال يطرح نفسه وبقوة , هل يريدون تركعيها ؟ فلن تركع , هل يريدون تخويفها ؟ فلن تخاف , هل يريدون خضوعها ؟ فلن تخضع , هل يريدون كسر شوكتها ؟ فلن تنكسر , هل يريدون انبطاحها ؟ فلن تنبطح , هل يريدون تحطيم إرادتها ؟ فلن تتحطم , هل يريدون امتلاك قرارها ؟ فلن يملكوه , هل يريدون تجويعها ؟ فلن تجوع بإذن الله تعالى , هل يريدون إذلالها ؟ فحاشا لله (عز وجل) الرحيم بها وبأهلها أن يمكنهم من ذلك .

القرار ليس بأيديهم , بل بأيدينا نحن , فالقرآن الكريم لم يربط النصر والصمود بقوتهم أو ضعفنا , إنما ربطه بإيماننا وصبرنا , وحسن اعتمادنا على الله (عز وجل) , فقال سبحانه : ” وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” (آل عمران : 120) , وهو وحده القادر على تفريج الكروب , وتيسير كل عسير , حيث يقول سبحانه : “وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (الأنعام : 17) , ويقول سبحانه : “قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ” (الزمر : 38) , ويقول سبحانه : ” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” (الطلاق : 2 , 3) , ويقول سبحانه : ” وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا” (الطلاق : 4) , ويقول سبحانه : ” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” (فاطر : 2) .

لماذا كل هذا الضغط على مصر وهي صمام الأمان لأهلها , وأمتها , ومحيطها الجغرافي , وعمقها العربي والأفريقي , ولأمن وسلام العالم ؟! لم تكن يومًا ظالمة , ولا معتدية , ولا باطشة , ولا متغطرسة , ولا متجبرة , طبيعتها سهلة سهولة نيلها وانبساط أرضها , وقلوب أهلها صافية صفاء سمائها ومائها , سمت أهلها حب الخير للعالم وللإنسانية , حباها الله (عز وجل) برئيس له رؤية ثاقبة , محب لدينه , محب لوطنه , محب لأمته , متصالح مع نفسه ومع العالم كله , يسعى للخير والسلام , لا يعرف الظلم ولا العدوان ولا أكل حقوق الآخرين أو الاعتداء عليهم , يعمل ونعمل معه على ترسيخ ذلك حتى يصير ثقافة متأصلة ليس في مصر وحدها , بل نريده مبدأً إنسانيًّا , تتبناه بحق المؤسسات الدولية , والمنظمات الحقوقية والإنسانية , والمراكز الحضارية والبحثية والعلمية والتربوية , بما يسهم في تصالح العالم مع ذاته , ومع بعضه البعض , بما يحقق أسس التعايش السلمي الذي تسعى الأديان السماوية بفهمها الصحيح والأعراف الإنسانية السوية إلى تحقيقها وترسيخها , لتكون بديلاً للعداء والظلم والعدوان .

هل يريدون إسقاط مصر ؟ فلن تسقط بإذن الله تعالى , هل يريدون تفكيكها ؟ فلن تتفكك بإذن الله تعالي , لكن ماذا لا قدَّر الله لو أصابها سوء أو مكروه ؟ الإجابة وبكل دقة : سيختل ميزان المنطقة , ويندك عمود خيمتها , ويستأسد فيها الإرهاب ويجتاح العالم , مع تحذيرنا من أن الإرهاب إن لم تُجتث جذوره سريعًا في هذه المنطقة , فسيكون عصيًّا على غيرها , ممن لا يملكون القوة والجلد والفكر لمواجهته , وساعتها سيندم كثيرون حين لا ينفع الندم , ذلك أن الإرهاب لا دين له , ولا وطن له , وأنه يأكل من يأويه أو يدعمه إن اليوم وإن غدًا , أما الخونة والعملاء فسيكون مصيرهم مصير ابن العلقمي الخائن عميل التتار , فمن يخن أهله ودينه ووطنه لا يمكن أن يأمنه عدوه أو صديق , سواء من استخدمه أو من استأجره .

ويطيب لي أن أختم بأبيات حافظ في رائعته الدالية ” مصر تتحدث عن نفسها” , حيث يقول :

أنـــــا إن قـــدَّر الإلـــــه مماتـــــي

لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
مـــا رمــانــــي رامٍ وراح سليمـــــاً
من قــديم عنايــــة الله جنــــــدي
كــــم بغــت دولـة عليّ وجــــارت

ثم زالــت وتلك عقبى التعـــــدي

فمصر محفوظة بحفظ من قال في حقها ” ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ”  لن تضار , ولن تضام , وستظل أمنًا أمانًا إلى يوم الدين بإذن الله تعالى.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى