عالم التكنولوجيا
لا شك أننا نعيش عالمًا جديدًا سريع التطور , يتداخل فيه العلمي والفكري والتكنولوجي والاقتصادي والسياسي بحيث يصعب فصل هذه التداخلات وإن اختلفت نسبها وتأثيراتها ودرجات تداخلها أو تقاطعها , فأكثر الحروب العصرية حدة وشراسة وتأثيرًا هي تلك التي تتخذ من عالم التكنولوجيا سلاحها الأول , أيًا كان نوع هذه التكنولوجيا , سواء في مجال الاستخدام المتطور للأسلحة , أم من خلال الحروب الإعلامية والنفسية , عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بتقنياتها الدقيقة , وعبر شبكات ومواقع التواصل الحديثة والعصرية .
ولا شك أننا نحمد للسيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية رؤيته الشاملة بحيث لا يطغى لديه ملف على ملف آخر ولا يأتي الاهتمام بواحد منها على حساب الآخر , ففي ظل مسابقة الزمن في تحسين الأوضاع الاقتصادية وبناء اقتصادي وطني قوي قادر على الصمود والوفاء بمتطلبات الوطن , ومع العمل على إعادة مصر إلى مكانها الريادي إقليميًّا ودوليًّا , يأتي الاهتمام بالمعرفة والبحث العلمي وعالم التكنولوجيا , متوازيًا مع هذه الشواغل والاهتمامات الأخرى.
وفي ضوء هذه التوجيهات جاء المشروع الذي قدمه معالي وزير الاتصالات المهندس / ياسر القاضي لإنشاء المناطق التكنولوجية بمحافظات مصر , وليست منطقة واحدة بالعاصمة , إنما هي مناطق متعددة بمحافظات مصر , لإحداث نهضة شاملة في مجال التكنولوجيا العصرية الحديثة والمتطورة , وبما يؤدي إلى نقلة نوعية في مجال الثقافة العلمية والتكنولوجية والتواصل مع الحضارات والثقافات المتعددة .
لقد ذكر المشروع المقدم أن رسالته تهدف إلى : إقامة وإنشاء مناطق تكنولوجية بمواصفات عالمية توفر مناخًا جاذبًا وتنافسيًا للشركات والمستثمرين المحليين والعالميين , مما يؤثر إيجابيًّا على الاقتصاد الوطني , وعلى مستوى التطور التكنولوجي وفرص العمل الجديدة , ويعمل على تحقيق الأهداف التالية : تنمية مجتمعية مستدامة , وجذب استثمارات محلية وعالمية , ونقل وتوطين التكنولوجيا , وزيادة صادرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , وتقليل الهجرة الداخلية , بما يوفره من فرص عمل واعدة بالمناطق التكنولوجية بالمحافظات.
وذكر المشروع أرقامًا مذهلة منها : أن صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بلغت في عام 2013م نحو 2.2 تريليون دولار أمريكي , فهي سوق واعدة اقتصاديًّا , وعلميًّا , وفكريًّا , وبحثيًّا , وحضاريًّا , بل إن هذه الصناعة تُعد أحد أهم أعمدة التقدم والازدهار لأي مجتمع , فلم يعد أمرها ترفًا أو رفاهية , بل صارت لازمة من لوازم الثقافة , شريطة أن يكون استخدامها رشيدًا يعمد إلى الأخذ بالنافع واستثماره وتطويره , والبعد عن الضار والتبصير بمضاره , مما يتطلب تعاونًا بين الاتصالات والثقافة والمؤسسات البحثية والعلمية والدينية من أجل العمل على الاستخدام الأمثل والرشيد لهذه التكنولوجيا بحيث نأخذ بمنافعها ومحاسنها ونكف المجتمع عما لا يناسب قيمنا وحضارتنا وثقافتنا الواعية الرشيدة .