:أهم الأخبارمقالات

مع عام دراسي جديد

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

      يهل علينا بعد أيام قلائل عام دراسي جديد ، يأتي إثر عيد عظيم هو عيد الأضحى المبارك ، وعقب أداء شعيرة من أهم شعائر الإسلام ونسكه ، هي شعيرة الحج ، ويربط بين ذلك كله قيم وآداب وأخلاق ، فالعبادة الصحيحة تدعو إلى التحلي بالقيم ومكارم الأخلاق ، والحج بلا أخلاق وقيم وآداب مردود على صاحبه ، فشرط القبول الأول بعد النفقة الحلال ألا يرفث الإنسان ولا يفسق ولا يجهل ولا يصخب ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ” (رواه البخاري).

        والعلم أيضًا بلا أخلاق ولا قيم ولا رياضة روحية لا طائل منه ، يقول الشاعر :

لا تحسبن العلم ينفع وحده

مــالم يتوج ربه بخــــــــلاق

فإذا رزقت خليقة محمــودة

فقد اصطفاك مقسم الأرزاق

        ومع انطلاق العام الدراسي الجديد نؤكد على الآتي :

أولا : عناية الإسلام بالعلم ، فالعلم ضرورة شرعية ووطنية ، ولازمة من أهم لوازم التقدم والرقي ، يقول الحق سبحانه : ” قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الألْبَابِ ” (الزمر : 9) ،  ويقول سبحانه : ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” (المجادلة : 11) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ” (رواه الترمذي) ، مع ملاحظة دقة العبارة في قوله (صلى الله عليه وسلم) ” يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ” ليفيد التنكير العموم والشمول لمطلق العلم النافع ، مع التذكير بأن أول ما نزل على النبي (صلى الله عليه وسلم) من القرآن الكريم هو قوله تعالى : ” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” (العلق : 1- 5) ، وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل فداء  من يحسن القراءة والكتابة من أسرى بدر أن يُعلّم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة .

       وقد أعلى الإسلام من شأن العلم ومكانة العلم ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ” (رواه الترمذي) ، وقد قالوا : من تعلم العلم وعمل به ثم علمه للناس فذلك يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات .

                ويقول الشاعر :

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم

لم يُبن ملك على جهل وإقــــلال

        ثانيًا : أن للعلم آدابًا وأخلاقًا ينبغي أن يتحلى بها طلبته ، منها حسن تقدير المعلم ، يقول شوقي :

قم للمعـــــــــلم وفه التبجيــــــلا

كاد المعــــــــــلم أن يكون رسولا

      ومنها الجد والاجتهاد والصبر على طلب العلم ، وقد قالوا : أعط العلم كلاً يعطك العلم بعضًا ، فإن أعطيت العلم بعضًا لم يعطك العلم شيئًا ، ويقول الشافعي (رحمه الله) :

أخي لن تنال العلم إلا بستة

سأنبيك عن تفصيلها ببيـــان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغــــة

وصحبة أستاذ وطول زمــــــان

      ثالثا : أن طالب العلم يبني ولا يهدم ، ويعمر ولا يخرب ، لأن رسالة العلم هي التعمير والبناء وصالح الإنسانية ، فلا مجال لمخرب ، وليس من الحكمة ولا من العقل ولا من المنطق الإبقاء على المخربين المفسدين الذين يثبت بدليل قاطع إجرامهم في حق وطنهم ومؤسساتهم التعليمية في صفوف أبنائنا ليبثوا سمومهم ، ومن هنا نؤكد على أمور :

 أ – الحسم والحزم واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل من يثبت تورطه في أي تخريب أو تدمير أو حرق أو إفساد أو محاولة استغلال الساحة الجامعية لنشر الفكر المتطرف .

ب – نحذر أيضا من محاولة الزج بالحرم الجامعي في أي لون من ألوان الدعاية الانتخابية لأي فصيل أو تيار سياسي أو ديني .

جـ – نحذر من ترك مساجد الجامعات أو مصليات المدن الجامعية في أيدي العناصر الطلابية التي تنتمي إلى جماعات التشدد .

 د – ضرورة نشر الفكر الإسلامي الصحيح ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وبيان زيف الفكر المتطرف ، من خلال تواصل العلماء المتخصصين مع طلاب الجامعات في الندوات واللقاءات المفتوحة .

     وسوف ننسق مع وزارة التعليم العالي والسادة رؤساء الجامعات عقب عودتنا من الحج بإذن الله تعالى لوضع خطة مشتركة عاجلة لهذه الندوات واللقاءات ، ومنع سيطرة أصحاب الفكر المتطرف على المساجد أو المصليات ، سواء بالجامعات أم بالمدن الجامعية ، مؤكدين أننا في وزارة الأوقاف مستعدون للقيام بكل ما يلزم دعويًا في جميع هذه المساجد باعتبارها من أهم عناصر تشكيل فكر الطلاب الجامعيين ، وتحصينهم من الفكر المتطرف ، أو وقوعهم في براثن دعاته .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى