:أهم الأخبارمقالات

نسائم مولد الهادي

mokhtar-Gomaa copy2

مع اقتراب شهر ربيع الأول نستشعر هبوب نسائم مولد الهادي محمد (صلى الله عليه وسلم) تفوح عطرًا وأريجا في الأجواء كلها , حتى لكأن الهواء غير الهواء , والأجواء غير الأجواء , والأزمنة غير الأزمنة , شأن من يستنشقون عن بعد عطر المكان عندما يقترب الحاج أو المعتمر أو الزائر من حرم الله الآمنه أو حرم رسوله وساحته المباركة , ولا سيما قلوب الهائمين والمحببين والعاشقين والمتشوقين لسيرته العطرة .

وإذا كان أحد المحبين قد سأل صاحبه : ماذا بلغ بك حب فلانة ؟ فقال : بلغ بي أن أرى الشمس فوق جدران بيتها أجمل منها فوق جدران بيوت جاراتها , وأرى الهواء الذي يهب من جهة منزلها واتجاه مسكنها نسيمًا عليلا غير هذا الهواء الذي يأتي من أي جهة أخرى , وأري القمر فوق قريتها غيره فوق سائر القرى , وأجد للأسماء التي تشاكل اسمها جرسًا دون سائر الأسماء , وللوافد من جوارها مَقْدِما غير مقدم الوافد من سائر الأقطار , فكيف بمن امتلأ قلبه بحب الحبيب (صلى الله عليه وسلم) حتى امتزج هذا الحب بلحمه ودمه , ولازمه في النوم واليقظة ؟ ! ولله در قائل :

كل القلوب الى الحبيب تميـل

ومعي بهـــــذا شاهــــدا ودليـــل

امــا الدليـل اذا ذكرت محمـدًا

صارت دمـوع العاشقيــن تسيــل

هذا رسول الله هذا المصطفى

هـذا لكـــل العالميــــن رســـول

                    ويقول الآخر :

وممـــا زادنــــي شرفـــــــًا و تيهــــــًا

وكـــدت بأخمصــــي أطـــأ الثريـــا

دخولـي تحت قولك : يا عبادي

وأن صيَّــــرت أحمـــد لـــي نبيـــــا

ولله در شوقي حيث يقول :

سَــــــرَت بَشائِــــــرُ باِلهــــــــادي وَمَولِـــــــــدِهِ

فـي الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَـمِ

وَنــــودِيَ اِقـــــــــرَأ تَعالــــــى اللـهُ قائِلُهــــــــا

لَم تَتَّصِل قَبـــــلَ مَــن قيلَـــت لَــــهُ بِفَـــــــــمِ

هُنــــــــاكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَــــــــــنِ فَاِمتَـــــــــــلأَتْ

أَسمـــــــاعُ مَكَّـــــــةَ مِـــــــــن قُدسِيَّـــــةِ النَغَمِ

تَخَطَّفَـــتْ مُهَــــجَ الطاغيـــــنَ مِن عَــــــــرَبٍ

وَطَيَّـــــــرَت أَنفُــــــسَ الباغيـــــنَ مِن عُجُـــمِ

مُحَمَّـــــدٌ صَفـــــــــوَةُ البـــــــاري وَرَحمَتُــــــهُ

وسيد الخلـــق من عـــرب ومـــــــن عجــــــم

      ففي ذكرى مولده ينبغي أن نتدارس سيرته , وأن نحيي سنته , وأن نتخلق بأخلاقه وأن نحيي ذلك في نفوسنا وقلوبنا وبيوتنا ونفوس أزواجنا وأبنائنا وأصدقائنا وجيراننا , وكل محبي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى) : ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” (الأحزاب : 21) , كما يجب أن نعطر في هذه الذكرى الحسنة ألسنتنا وبيوتنا وأجواءنا بكثرة الصلاة والسلام عليه (صلى الله عليه وسلم) , حيث يقول الحق سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (الأحزاب : 56) , وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : “من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً ) ، وعن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)  قال : ( إِنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَشَّرَنِي وَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ، يَقُولُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا) ، وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ) ، وقال عليه الصلاة والسلام:  (أَكْثِرُوا عَلَيَّ من الصلاةِ في كُلّ يومِ جُمُعَةٍ، فإنَّ صلاةَ أُمّتِي تُعْرَضُ عَلَيَّ في كُلّ يومِ جُمُعَةٍ، فمن كانَ أَكْثَرَهُمْ عليَّ صلاةً كانَ أَقْرَبَهُمْ مِنّي مَنْزِلَةً ) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ” (صحيح مسلم).

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى