مواسم الخيرات والبركات
لقد فضل الله (عز وجل) بعض النبيين على بعض ، حيث يقول سبحانه :” تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ” ، ويقول سبحانه: ” وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ” ، وفضل بعض الشهور على بعض ، حيث يقول سبحانه : “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ”، والأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب .
وفضل سبحانه بعض الليالي على بعض فقال (عز وجل) :” إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ” ، وقال سبحانه:” إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ” .
كما فضّل بعض الأيام على بعض ، ومن الأيام التي فضلها سبحانه على سائر الأيام العشر الأول من ذي الحجة حيث يقول (عز وجل) :” وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ” قال ابن كثير (رحمه الله) : المراد بها عشر ذي الحجة.
ويقول سبحانه : ” وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ” ، يقول ابن عباس : أيام العشر ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم)” ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام ” – يعني عشر ذي الحجة – قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ” ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء ” (رواه البخاري) .
وعن ابن عمر (رضي الله عنهما) أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قال : ” ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ” .
كما خص الحق سبحانه يوم عرفة الذي هو من هذه العشر بمزيد من التفضيل ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة” ، وفي قول الحق سبحانه : ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ ، يقول أبو هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) : أن نبينا ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال : “اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة ” .
ولما نزل قول الله (عز وجل) ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.. ) جاء رجل من اليهود إلى سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فقال: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيدًا ، قال: وأي آية ؟ قال: قوله “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي” ، فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت ، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عشية عرفة في يوم جمعة .
وفي فضل صيام يوم عرفة والدعاء فيه يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم): ” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” .
فهذه أيام فضل وبر وبركة ، فالعاقل من اغتنمها وتعرض لنفحات الله فيها .