:أهم الأخبارمقالات

مكمن الداء وموطن الخلل

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

       لا شك أن مصر هي المحور الرئيس في مواجهة الإرهاب سياسيًا وعسكريًا وفكريًا , فسياسيًا يحمل رئيسها السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي هم مواجهة الإرهاب مواجهة حقيقية حيث أقام , وحيث ارتحل , وحيث التقى قادة العالم وصانعي القرار فيه , وحيث تحدث في المؤسسات والمنتديات الدولية بلا وجل ولا مواربة.

       وعسكريًا وأمنيًا تخوض قواتنا المسلحة الباسلة ومن خلفها رجال الشرطة البواسل حربًا ضروسًا لا هوادة فيها في مواجهة العناصر والتنظيمات الإرهابية المتطرفة , وبخاصة تلك التي تتسلل إلينا مدفوعة من الخارج ومدعومة من قوى لا تريد الخير والاستقرار لمصر ولا الأمن والأمان الحقيقي للعالم , ومشجعة من دول ودويلات ترعى قنواتها الإعلامية واستخباراتها وأموالها الإرهاب والإرهابيين على مرأى ومسمع من دول العالم كله في سفور وتبجح واضحين بينين , وكما يقولون : من أمن العقاب أساء الأدب , فلولا أن ما تفعله هذه الدول والدويلات إنما يجري بمباركة من بعض القوى العالمية الكبرى لما تجرأت هذه الدول الداعمة للإرهاب في الاتجاه الداعم للجماعات الإرهابية .

      وفكريًا يقف الأزهر الشريف بقيادة شيخنا وأستاذنا فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب , ووزارة الأوقاف المصرية , ودار الإفتاء المصرية , بعلمائهم جميعًا في الصف الأول من مواجهة الفكر المتطرف والعمل على دحضه وبيان زيفه وضلاله وإضلاله وفساده وإفساده , كما أننا نعمل جميعًا وبكل ما أوتينا من قوة وإمكانات وفي مسابقة للزمن على نشر الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح , وتصحيح المفاهيم الخاطئة , وبخاصة تلك التي يتخذها الإرهابيون ذريعة لبث سمومهم وأفكارهم من خلال تكفيرهم للمجتمع واستباحة دم أبنائه وأعراضهم وأموالهم وأراضيهم , كقضايا : الحاكمية , ونظام الحكم , وقضية الخلافة , والجهاد , ودار الإسلام , ودار الحرب , وغير ذلك من القضايا التي يتخذ المتطرفون منها مطية وتكأة للتكفير واستباحة الدماء .

     كما أن أمتنا العربية هي أكثر من دفع ثمن تلك المؤامرات وهذه الأفكار المسمومة , وديننا المفترى عليه ظلمًا وعدوانًا إنما هو براء من كل هذا الإجرام والإرهاب والتطرف , بل العكس من ذلك , إنه لدين الرحمة والسماحة وأكثر الأديان ترسيخًا لأسس التعايش السلمي بين البشر , غير أن بيت الخلل وموطن الداء يكمن في مطامع بعض القوى الاستعمارية في خيرات دولنا ومنطقتنا والعمل على تفتيتها وإضعافها لصالح الكيان الصهيوني الغاشم من جهة , ولمصالحه المرتبطة بهذا الكيان وغير المرتبطة به من جهة أخرى.

     كما أن الخطورة الحقيقية على بعض الدول الغربية لا يمكن أن تأتي من الدول العربية المسالمة المستباح أرضها وعرضها أو التي لا تبحث إلا عن العيش في أمن وسلام حقيقيين لها وللعالم كله , إنما تكمن في رعاية بعض الدول والجهات والمؤسسات والمخابرات الغربية لبعض هذه الجماعات وتلك العناصر المتطرفة , أو محاولة احتوائها على أقل تقدير , وعلى رأسها هذه التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها يأتي التنظيم الدولي للإخوان الذي يرتع في كثير من دول العالم شرقًا وغربًا وطولاً وعرضًا يجمع الأموال ويؤسس الشركات ويغسل العقول على مرأى ومسمع من الجميع , ظنًا من مستخدميه وداعميه أنه يمكن أن يكون رأس حربة في الوقت المناسب لتحقيق بعض أهدافهم , أو على أقل تقدير في محاولات احتواء خاطئة أو فهم خاطئ لطبيعة هذا التنظيم الإرهابي المعروف بتاريخه الدموي .

      ومن هنا فإن القضاء على الفكر الإرهابي والتنظيمات الإرهابية يجب أن يكون شاملاً وغير انتقائي , ولابد من تكتل إنساني لمواجهة كل ألوان التطرف والإرهاب إن كان المجتمع الدولي جادًا في القضاء عليه والتخلص من شره ، ففي الوقت الذي يحاول البعض فيه توجيه ضربات ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق نجد العجب العجاب في الصمت المريب عن التنظيم نفسه في ليبيا على حدودنا الغربية ، وكأن هناك تعمدًا لوضعنا تحت ضغط الإرهابيين من عدة جبهات ، وقد حذرنا ومازلنا نُحذر من أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ، وأنه متجاوز للحدود والقارات ، وأنه يأكل من يصنعه ومن يدعمه ومن يأويه .

      وبما أن الإرهابيين لا هُم أَهل دين ولا أهل وطن فإنهم سرعان ما يرتدُّون إلى حيث أتوا ، ولطالما حذر السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ، كما حذر خادم الحرمين الشريفين الملك/ عبد الله بن عبد العزيز (رحمه الله) من أن الإرهاب الذي يصنع في منتطقتنا يمكن أن يصل إلى أوروبا بعد شهر وإلى أمريكا بعد شهرين ، وهو ما لم يتنبه له الغرب إلا بعد فوات الأوان .

     ومازلنا نؤكد أن هذا الإرهاب إنما يُشكّل خطرًا داهمًا على الإنسانية ، وعلى الأمن والسلم العالميين ، وأننا في حاجة مُلحّة إلى تكتل واصطفاف إنساني لاجتثاث هذا الخطر الداهم من جذوره .

 

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى