:أهم الأخبارمقالات

مصر والإمارات معًا على الطريق

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

         لقد أسعدني وأشعرني بالفخر والأمل في آن واحد ما لمسته من شعور قومي وعربي وإسلامي جارف وحقيقي تجاه الشعب المصري لدى كل من التقيته من الإخوة الإماراتيين .

        لقد استشعرت أن فرحتهم وسعادتهم باكتشاف حقل الغاز المصري بالبحر الأبيض المتوسط لا تقل عن فرحة المصريين أنفسهم , وكأن هذا الاكتشاف هو لهم لا لنا , ولعل ذلك راجع إلى حبهم لمصر من جهة , وتقديرهم لأهمية هذا الكشف من جهة أخرى , فمن ذاق عرف , وهذا هو النمط الراقي من الإخاء والمودة والعلاقات الكريمة .

         كما أسعدتني حفاوة الاستقبال , والثقة الكبيرة في مصر وقائدها , والأزهر وعلمائه , والأوقاف وأئمتها , أسعدني توافق الرؤى وقوة الإحساس بالمصير المشترك , وتقارب الفهم بل اتفاقه حول قضايا الأمة العربية والإسلامية , وبخاصة القضايا الفكرية والثقافية ومواجهة التطرف والإرهاب , وتبني المنهج الفكري والدعوي الوسطي دون إفراط أو تفريط , والرغبة القوية في تنسيق المواقف وتبادل الخبرات مع مؤسساتنا الدينية والثقافية والإعلامية .

         أسعدني هذا التطور العصري والتكنولوجي الهائل في شتى جوانب الحياة الإماراتية , والانطلاق نحو منظومة العمل بجد وانضباط في الأداء والسلوك الوظيفي , فقد استفادوا كثيرًا من أنماط العمل وانضباطه في الدول المتقدمة , في تواضع جم , وتقدير للآخرين لا يشوبه تكلف ولا استعلاء , بل يثلج صدرك أن تسمع من قيادتهم من يؤكد أنه عندما تكون مصر قوية مستقرة فالإمارات قوية مستقرة , وعندما تكون مصر بخير فالإمارات والأمة العربية كلها بخير.

          إن القواسم المشتركة بين الشعبين الشقيقين والعلاقة القوية بين الدولتين والقيادة الحكيمة في البلدين تُعد أساسًا صلبًا وقويا ومتينًا يمكن البناء عليه في مزيد من التعاون في شتى المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية والعسكرية والسياسية , بحيث يكون هذا الأنموذج من العلاقات الثنائية العربية منطلقًا للعديد من النماذج المتميزة في العلاقات العربية العربية , لتنطلق من إطار هذه الثنائيات إلى إطار أوسع ولحمة أشد في تحالف عربي استراتيجي منطلقه الأساس جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة , ودولة الكويت , ودولة البحرين , وكل دولة تشعر بأهمية هذه اللحمة وتريد أن تبني نسيجًا عربيًا قويًا يقف في وجه المحن والتحديات والعواصف التي تحيط بمنطقتنا العربية ، وبخاصة في وجه ومقاومة قوى التطرف والإرهاب سواء تلك العصابات والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي المدعوم من قوى تعمل على إشاعة الفوضى في منطقتنا وإلى تفكيك دولها وتدميرها وتحويلها إلى كيانات هزيلة ضعيفة ضائعة لا تضر عدوًا ولا تنفع صديقًا ، ولا يشعر أبناؤها بالأمان ، فيفقدون الولاء الوطني ، ويبحثون عن ملاذات ومتاهات أخرى ، أم تلك الجماعات الإرهابية التي تنخر كالسوس في أجساد أوطانها لا تألو على وطن أو دولة وطنية ، ولا تعمل إلا لمصالحها الخاصة ومصالح من يوظفها أو يمولها ويستخدمها من القوى الاستعمارية الطامعة في نفط منطقتنا وخيراتها ومقدراتها.

         والذي لا شك فيه أن هذه العلاقات الثنائية المتميزة بين بعض الدول العربية وبعض إنما تصب في المصلحة العربية العامة ، وفي اتجاه بناء وحدة عربية نوعية .

       وقد سألني أحد الحاضرين لمحاضرة تفكيك الفكر المتطرف التي ألقيتها بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية عن مدى عنايتنا بتحقيق الوحدة العربية ، غير أني وجدتُ في كلامه تلميحًا إلى نمط ربما لا يكون واقعيا في ظروف عصرنا الراهن ، فقلت له : إن الظروف الراهنة والواقع المعاصر تجاوز الأنماط التقليدية لمفهوم الوحدة إلى أنماط أيسر وأنفع وأجدى من التعاون المشترك كالدعوة التي وجهها السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسي لتشكيل القوة العربية المشتركة أو الدعوة إلى تكوين تكتل اقتصادي عربي بالصورة التي تحقق مصالح الجميع وفق آليات العصر وظروفه ومقتضياته ، أو العمل على تنسيق المواقف السياسية لدى كل القضايا وفي كل المنتديات والمنظمات الدولية ، أو التعاون الفكري والعلمي والثقافي والتكنولوجي بين المؤسسات  المتناظرة في الدول العربية ، وقد أسفرت زيارتي الأخيرة لدولة الامارات العربية المتحدة عن بحث بعض أوجه هذا التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف المصرية والهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية الشقيقة , كما سبق لنا تنسيق المواقف مع العديد من وزارات الأوقاف العربية ، بل أبعد من هذا فقد تناقشت مع الأستاذ الدكتور / جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول عقد لقاءات مستدامة ومنتظمة للمفكرين العرب في المجالات المتعددة ، وأهمها ما يخصنا في مجال تجديد الخطاب الديني والفكري والثقافي بحيث يجتمع العلماء والمفكرون لدراسة أهم القضايا والتحديات التي تواجه الأمة العربية في كل مجال من المجالات خدمة للدين والوطن.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى