:أهم الأخبارمقالات

مصر الأبية

mokhtar-gomaa3

لقد ترددت كثيرًا حول الوصف الذي يمكن أن أصف به مصر : الأبيَّة , العزيزة , الفتيَّة , القويَّة , العظيمة , وصرت أعدد الصفات وأتخيرها حتى استقر بي الأمر على وصف الأبيَّة , وكان الوصف الذي يليه عندي أو الأقرب إليه هو لفظ الغنيَّة , فمصر أبيّة غنية , غنيّة بأبنائها , بعلمائها , برجالها , بنسائها , بشيوخها , بشبابها , بأطفالها , بمسلميها , بمسيحييها , بأزهرها الشريف وكنيستها الوطنية ، بجيشها , بشرطتها , بقيادتها السياسية , برئيسها القائد الحكيم سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي .

مصر أبيّة وستظل , وغنيّة وستظل , وليس الغنى عن كثرة العرض , لكن الغنى الحقيقي هو غنى النفس , هو عدم الرضا بالهوان , عدم الرضا بالدنيّة , عدم فقدان الإرادة والقرار الوطني , هو ألا نبيع ديننا أو وطننا أو جيراننا أو أحدًا من أمتنا العربية لا بثمن بخس ولا بثمن نفيس , حتى لو جُعنا أو جُوِّعْنا, وحتى لو حبست عنا السياحة والاستثمار , ومهما تعالت الصيحات أو الضغوط , فلدينا من قوة العقيدة والإيمان بالله (عز وجل) والثقة فيه وفي أنفسنا ما يدفعنا إلى التفاؤل والأمل وعدم اليأس .

الدنيا ولذاتها وشهواتها وما بها لدينا عرض زائل غير مقصود لذاته , نملك القدرة على الاحتمال , والقدرة على الصبر ، والقدرة على تحمل المشاق , مع العمل الجاد الدءوب ، والأخذ بأقصى الأسباب، وحسن التوكل على الله (عز وجل) ، بما يدفع إلى الأمل ويقتل اليأس والميئسين والإحباط والمحبطين والتثبيط والمثبطين والمعوقين ، فلا وجود لكل هذه الألفاظ في قاموسنا الديني والوطني.

لقد تابعت في الندوة التثقيفية التي أقامتها قواتنا المسلحة الباسلة في الذكرى الثالثة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة حديث الرجال المجاهدين الحقيقيين من أبناء قواتنا المسلحة الباسلة , ومن أهالينا ببدو سيناء , ومن أمهات الشهداء , ومن أبنائنا وبناتنا جيل المستقبل المشرق بإذن الله تعالى , فأدركت أن مجتمعًا بهذا الوعي وهذا الإيمان , وهذه الروح لا يمكن أن يخذل ، وصدق من لا ينطق عن الهوى حين قال : “إنَّ الله (عز وجل) سيفتح عليكم مصر فاتخذوا منها جندًا كثيرًا فإنهم خير أجناد الأرض وإنهم وأزواجهم وأهليهم في رباط إلى يوم القيامة” .

لقد استمعت إلى المجاهد السيناوي الشيخ / حسن خلف أحد أبطال حرب أكتوبر , وإلى أم الشهيد / إسلام , وإلى ولد وبنت يشدوان بحب مصر فازداد قلبي اطمئنانًا بأن تواصل الأجيال في مصر على مائدة الفداء والوطنية لن ينقطع بإذن الله تعالى , وأن مصر ستظل آمنة مطمئنة أمنًا أمانًا مصداقًا لقوله تعالى على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) : ” ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ” (يوسف : 99) , وأنها كما لم تخذل في الماضي فلم ولن تخذل في المستقبل بإذن الله تعالى .

وقبل أن أختم حديثي يطيب لي أن أترك القارئ العزيز مع أبيات رائعة لحافظ إبراهيم في قصيدته العظيمة ” مصر تتحدث عن نفسها ” حيث يقول :

وقـــف الخــلــــق ينظــــرون جميعـــــًا

كيف أبني قواعد المجــــد وحــدي

وبناة الأهـــرام في ســالــــف الدهــر

كفـــونــي الكــلام عنـــد التحـــــــدي

أنا تــــاج العــــلاء في مفــــرق الشرق

ودراتـــــــــــه فرائـــــــــــد عقــــــــــدي

أنـــا إن قـــدر الإلــــــه ممـــــــــاتــــــي

لا تــرى الشـــرق يرفع الرأس بعــدي

مــــــا رمانــــــي رام وراح سليمـــــــــــاً

من قديم عنايـــــة الله جنــــــــــــــدي

كـــم بغــــت دولة علــيّ وجـــــــــارت

ثم زالت وتلـك عقبـــى التحــــــــدي

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى