:أهم الأخبارمقالات

لــوجه اللــه

    ما أجمل أن يكون العمل خالصًا لوجه الله (عز وجل) ، حيث يقول الحق سبحانه : “فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا “(الكهف : 110) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”(رواه البخاري) ، فمن كانت نيته لغير الله خاب وخسر في أمر دينه ودنياه ، ومن تاجر بدين الله تعالى وطلب الدنيا بعمل الآخرة ، مُحي ذكره ، وحبط عمله ، وأُثبتَ اسمه في أصحاب النار .

    ويوم القيامة ينادي منادٍ من قبل رب العزة فيقول “من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله ، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك ” (رواه الترمذي) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه “(رواه مسلم) ، وفي الحديث الشريف يقول (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ : رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ : قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِي النَّارِ”(رواه مسلم).

   ومع أن الإخلاص إنما هو سر بين العبد وربه ؛ فإن متاجرة الجماعات الإرهابية والمتطرفة بالدين وبالعمل الاجتماعي واستغلال حاجات الضعفاء والمحتاجين والمتاجرة بها وتوظيفها لصالح أغراض هذه الجماعات الضالة قد أضر بكثير من جوانب العمل الاجتماعي ، وأصبحنا في حاجة ماسة إلى استعادة روح العمل المجتمعي خالصًا لوجه الله ثم لصالح الوطن ، بعيدًا عن توظيف الجماعات الضالة المنحرفة لأعمال الخير واتخاذها وسيلة للوصول إلى شرائح معينة من المجتمع وتجنيدها لتنفيذ مخططاتها وخدمة أهدافها وأهداف من يستخدمها .

    ومع تشجيعنا الكبير لعمل الجمعيات التي تقوم على خدمة المجتمع ودعم أنشطتها الاجتماعية ؛ فإننا نؤكد على ضرورة عدم انتماء أي من أعضائها أو القائمين عليها إلى أي جماعة إرهابية أو متطرفة أو متشددة أو محظورة أو مشبوهة أو تعمل ضد مصلحة وطنها بأي شكل من الأشكال ، كما نؤكد على قصر عمل هذه الجمعيات على العمل الخيري في خدمة المجتمع دون أن تتجاوز نطاق هذا العمل محاولة اختراق الخطاب الديني واستغلال حوائج المحتاجين لنشر أيديولوجيتها الفكرية ، بحيث يتحول العمل حينئذ من كونه لوجه الله إلى مصلحة الجماعات التي تقوم بعض الجمعيات على خدمة أغراضها .

   نؤمل أن يكون عمل الخير خالصًا لوجه الله وحده ، وأن يكون إطعام الجائع ، وكساء العاري ، ومداواة المريض ، كل ذلك خالصًا لوجه الله من منطلق وطني وإنساني محض ، وساعتها سيحمل المجتمع بأسره لمن كان هذا مسلكه كل التقدير .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى