:أهم الأخبارمقالات

على باب الكريم

وقفت ببابك ربي راجيا حسن القبول ، وقفت ببابك ربي راجيا حوض الرسول ، وقفت ببابك ربي آملا حسن الختام ، وقفت ببابك ربي آملا طيب المقام ، وقفت ببابك ربي راهبا يوم السؤال ، وقفت ببابك ربي خاشيا سوء المآل.

على باب رب كريم ، وعتبات شهر كريم ، شهر التنقية ، شهر التزكية ، شهر الرحمة ، شهر المغفرة ، شهر العتق من النار ، نقف راجين ومؤملين حسن القبول ، ورضا الغفور ، وشفاعة الرسول ، غير أن ذلك كله لا يكون إلا لمن أكرمه الله (عز وجل) فهداه إلى سواء السبيل ، حيث يقول الحق سبحانه : “فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ” (الأنعام:125) ، فمن علامات قبول الطاعة حبها والإقدام عليها والاستمساك بها ، وهذا حال أهل الرضا ، حيث يقول الحق سبحانه: “… إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى” (الكهف:13) ، ويقول سبحانه: “وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا” (مريم:76) ، ويقول سبحانه: ” مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا * كُلًّا نُّمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” (الإسراء: 18-20) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ” (متفق عليه).

وقد قالوا: المؤمن في المسجد كالسمك في الماء ، والمنافق في المسجد كالعصفور في القفص ، فالمؤمن يفرح بالطاعة ، وينشرح صدره بها ، والمنافق يراها عليه حملا ثقيلا ، كما يقول الحق سبحانه وتعالى في شأن الصلاة: “.. وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ” (البقرة:45) ، “.. وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ..” (البقرة:143).

فالنتائج الصحيحة لا بد أن تسبقها مقدمات صحيحة ، يقول الحسن البصري (رحمه الله) : [إن قوماً غرهم حسن الظن بالله حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، يقولون: نحسن الظن بالله، كذبوا والله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل].

فالأمل بلا عمل أمل أعرج لا يقوم على ساقين ، أو أعور لا يكاد يحسن الرؤية ، أو أمل كاذب أو سراب خادع.

أما عمل أهل الضلال فمحبط ، حيث يقول الحق سبحانه: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ” (النور:39) ، وحيث يقول سبحانه: ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” (الكهف: 103-104) ، ويقول سبحانه: “فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ” (الأعراف:30).

فإذا أردنا نتائج صحيحة تبلغنا المراد فلا بد من الأسباب الصحيحة من هجر المعاصي والإقبال بروح صافية ونفوس سامية راقية على مكارم هذا الشهر العظيم من صلاة وصيام وقيام ، وقراءة قرآن ومدارسة علم ، وبر وصلة رحم ، وإحسان وتكافل مجتمعي ، تحقيقا لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة:183) ، وقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (صحيح البخاري) ، وقوله (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” (صحيح البخاري).

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى