عـــــام الغــــوث
لعلنا نتفاءل بمقدم عام 2018م الذي يأتي بعد سبعة أعوام شداد من مواجهة التحديات , من الجهد والعمل المضنى في شتى المجالات .
وإذا كان تاريخنا المصري قد شهد أيام سيدنا يوسف (عليه السلام) سبع سنوات خصيبة , تبعها سبع شداد , ثم عام الغوث , الذي جاء بالفرج بعد الشدة , وهو ما صوره القرآن الكريم في قوله تعالى في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) وتفسيره لرؤيا من قص عليه رؤياه , فقال سبحانه وتعالى على لسان صاحب الرؤيا : ” إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ” , فأجابه سيدنا يوسف (عليه السلام) بقوله الذي قصه علينا القرآن الكريم : ” تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ”.
ويأمل كثير من المصريين أن يكون العام القادم 2018م هو عام الغوث بعد سبع سنوات تحمل فيها المصريون بعزة وإباء تبعات مواجهة الإرهاب وإعادة بناء الدولة , على أمل الانطلاق باتجاه مستقبل أفضل نحو البناء والتنمية والنماء وصولا إلى التقدم والرخاء , وهو أمل مشروع وليس بمستحيل ولا ببعيد في ظل ما تنتهجه الدولة المصرية والقيادة السياسية من استراتيجية شاملة ودقيقة وواعية للتنمية المستدامة في كل المجالات ولا سيما في مجال المشروعات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى , وفي مجالات البنى التحتية من طرق وكهرباء وغير ذلك مما لا غنى عنه لإقامة دولة عصرية وإحداث نهضة وثورة اقتصادية وتكنولوجية ومعلوماتية بكل الأبعاد التي يتطلبها بناء الدول .
ونؤكد أن عام 2018م سيكون عام جني الثمار في كثير من الملفات في وزارة الأوقاف المصرية بإذن الله تعالى ، إذ نعمل على أن يرتفع عدد المدارس القرآنية من 580 إلى 1000 مدرسة , تلك المدارس التي تهدف إلى تعليم القرآن الكريم للنشء مع بث قيمه الإيمانية والأخلاقية في نفوسهم , وترسيخ روح الانتماء الوطني لديهم , وتحصينهم من أن تتخطفهم أيدي التطرف.
كما نؤمل أن تبلغ المدارس العلمية بالمساجد الكبرى مائتي مدرسة بعد أن أطلقنا مشروعها العظيم, وبدأت انطلاقتها بواحد وعشرين مدرسة , وكذلك التوسع في مكاتب تحفيظ القرآن الكريم العصرية , وعمل الواعظات , وتكثيف القوافل والندوات والمحاضرات العلمية وبخاصة في القرى والنجوع والكفور والمناطق الحدودية والنائية للتوسع في نشر الفكر الوسطي السمح وترسيخه في هذه المناطق, إضافة إلى برامج التدريب والتثقيف غير المسبوقة للأئمة والإداريين وجميع العاملين بالأوقاف.
كما أننا ماضون وبقوة في استكمال النهضة والإنجاز الذي حققناه في مجال عمارة المساجد وصيانتها بنسبة غير مسبوقة في تاريخ الوزارة , والتي سجلت رقمًا لا نظنه مسبوقًا في أي دولة أخرى ، حيث أطلقت عليه بعض المواقع الأوربية أنه رقم عالمي قياسي غير مسبوق , حيث بلغ ما تم افتتاحه في شهرين اثنين أكتوبر ونوفمبر 2017م أكثر من مائتين وخمسين مسجدًا إحلالا وتجديدًا منها أكثر من مائة مسجد من تنفيذ وتمويل الوزارة سواء من موازنتها أم من مواردها الذاتية والباقي بالجهود الذاتية التي تدعمها الوزارة وتشجعها, وبلغ إجمالي ما تم تنفيذه بمعرفة الوزارة على مدار العام الماضي إحلالا وتجديدًا وصيانة 480 مسجدًا ويجرى العمل في نحوها , مع خطة لإدراج أكثر من 500 مسجد في خطة الإحلال والتجديد للعام الجاري 2018م بإذن الله تعالى.
أما ما يتصل بمجال البر فعام 2018م فسيكون بالنسبة لوزارة الأوقاف عام البر بامتياز إن شاء الله تعالى , حيث قررت الوزارة مضاعفة جميع أعمالها في مجال البر وخدمة المجتمع , ومن أخصها بناء مائة بيت هدية من وزارة الأوقاف لأهالي حلايب بمحافظة البحر الأحمر ، ورفع كفاءة وتطوير 270 بيتًا لأهالي قرية الروضة بمدينة بئر العبد بشمال سيناء , والشروع مع بداية هذا العام في توزيع خمسين ألف بطانية كدفعة أولى , ويأتي ذلك كله بعد أن ضاعفنا إجمالي أعمال البر بالوزارة خلال عام 2017م بما يزيد على خمسمائة في المائة.
وإذا أردنا أن نأخذ عنوانًا كبيرًا نجعله شعارًا لعام 2018م في مجال الأوقاف فنستطيع أن نقول وباطمئنان إنه عام تطوير الوقف واستثماره بطريقة علمية مدروسة تعظم عائداته لصالح من أوقف لهم أو ما أوقف عليه.