صناعــة القـــادة
البرنامج الرئاسي للشباب ليس مجرد برنامج تأهيلي أو تدريبي أو تثقيفي أو سياسي ، إنما هو برنامج متكامل لإعادة بناء الشخصية المصرية المتميزة علمًا وفكرًا وثقافة , مع تهيئتها للمشاركة الإيجابية في بناء الوطن ، وهو برنامج معد بعناية شديدة لصناعة القادة.
وعند إعداد قيادات المستقبل لا بد من توافر صفات ومقومات ، يأتي في مقدمتها القوة , والأمانة , والوطنية , والثقافة , والقدرة على التحمل وعلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وفعل ما يجب أن يفعل في الوقت الذي يجب أن يفعل فيه دون توانٍ أو تأخر أو طيش أو تهور ، حيث يقول الشاعر العماني أبو مسلم الرواحي :
لا تعجـل الشيء أمام وقته |
ولا تفتـه حيـث آن بالونـى |
وقد لفت القرآن الكريم أنظارنا إلى أهم مقومين من مقومات إعداد القادة واختيارهم , وهما القوة والأمانة , أو الحفظ والعلم , حيث يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان ابنه شعيب عليه السلام في شأن سيدنا موسى (عليه السلام) ” قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” (القصص : 26) , ويقول سبحانه على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) في مخاطبة عزيز مصر : “اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” (يوسف : 55) , فالأمانة وحدها لا تكفي والكفاءة بلا أمانة لا تجدي .
ومن خلال هاتين الصفتين لا بد من توافر صفات ومقومات تفصيلية وفق طبيعة المهمة التي توكل إلى قائد أو مسئول ودرجة المسئولية وحساسية المهام المنوطة بها , ومن أهمها : التفاني والإخلاص في العمل , والقدرة على تحمل الضغوط , والتعامل مع الأزمات وحسن معالجتها , والرؤية السياسية , والإلمام بمتطلبات الأمن القومي , والقدرة على العمل بروح الجماعة والفريق , والتنسيق مع سائر الجهات والمؤسسات المتناظرة , والتميز في مستوى الوعي والثقافة العامة , فثمة ما يعرف في علم الإدارة بعموم الفهم وخصوصية التكاليف , ذلك بأن يكون الموظف أو المسئول أو القائد على مستوى عال من الفهم العام لكل جوانب عمله والإلمام بأطرافه ومشكلاته وتحدياته وتداخلاته وتشابكاته مع الجهات الأخرى , أو الزملاء الآخرين , وعلى أعلى قدر ممكن من الإدراك الذي قد يصل إلى درجة التفرد وعلى أقل تقدير مستوى التميز في المهمة الموكلة إليه , وأن يستحضر دائمًا حديث سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” (رواه البخاري) , وقوله (صلى الله عليه وسلم) : “مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى اللَّهَ مَغْلُولًا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (مسند أحمد) , وقوله (صلى الله عليه وسلم): “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ” (رواه البخاري).