:أهم الأخبارمقالات

صـــك الأضحيـــة

أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

لا شك أن الأضحية سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المستطيع عنه وعن من يعول من زوج وولد , حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” (الكوثر : 1-3) , ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “ضَحُّوا فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ (عليه السلام) ” (رواه ابن ماجة) , ويقول (صلى الله عليه وسلم)  : “مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا ” (سنن الترمذي).

ولا شك أن الأضحية مأخوذة من التضحية بالمال , وهي مما يدخل البهجة والسرور على الفقراء والمساكين وعلى المضحي وأهل بيته , وفي هذا يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا ” (رواه الطبراني) , ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ” ( متفق عليه) , ولما دخل سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على السيدة عائشة (رضي الله عنها) سألها عن الأضحية قائلاً : ” ماذا بقي من الشاة يا عائشة ؟ فقالت (رضي الله عنها) : ما بقي إلا الكتف يا رسول الله , فقال (صلى الله عليه وسلم) : “بقي كلها إلا الكتف يا عائشة ” , ويقول الحق سبحانه : ” مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ” (النحل : 96) , ويقول سبحانه : “هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” (محمد :38) .

ولما كان نحر الهدي في الحج في وقت واحد وفي مكان واحد مما يصعب الاستفادة به على الوجه الأكمل كان التفكير في فكرة صك الهدي أيا كان نوع هذا الهدي واجبًا أو تطوعًا حتى يتم الاستفادة به على الوجه الأمثل والأفضل , وصار هذا الصك أشبه ما يكون بالمسلمات بإقرار جمهور العلماء لما له من عظيم النفع على فقراء المسلمين في مختلف دول العالم .

ونظرًا لصعوبة وصول كل مضحٍ بنفسه إلى الفقراء وقيامه بتوزيع الأضحية بنفسه على المناطق والأفراد الأكثر احتياجًا , ونظرًا لاحتراف بعض الناس عملية التسول , مما يجعل بعضهم قادرًا على جمع عشرات الكيلوات وما يزيد عن حاجته , بل ربما عن ما يعادل أضحية كاملة من المعز أو الضأن , وعدم وصول حق المتعففين من الفقراء والمحتاجين الذين لا يسألون الناس إلحافًا , كانت فكرتنا لصك الأضحية , بحيث تقوم وزارة الأوقاف بفتح حساب خاص لهذه الصكوك  , كما ستقوم بتوفير هذه الصكوك ببعض البنوك ومديريات الأوقاف والمساجد الكبرى وبعض الأماكن التي تعلن الوزارة عنها على موقعها الرسمي .

هذا وقد تم التنسيق مع معالي وزير التموين الدكتور / خالد حنفي لتجهيز العدد الكافي من الأضاحي , بحيث تورد وزارة الأوقاف المبالغ المجمعة لحساب وزارة التموين التي اشترت بالفعل الأضاحي الكافية من البقر , بحيث تقوم بذبحها في الوقت الشرعي للذبح وتبريدها ونقلها إلى القرى والمناطق الأكثر احتياجًا , وتوزيعها من خلال بطاقات التموين على الأسر الأكثر فقرًا واحتياجًا , وبخاصة في القرى والنجوع والمناطق الأشد عوزًا , ويكون التوزيع بواقع كيلو لكل أسرة تتكون من ثلاثة أفراد فأقل , وكيلوين لكل أسرة تتكون من أربعة أفراد فأكثر.

ولا شك أن هذا الصك يعظم من نفع الأضحية , وبخاصة لمن لا يملك آلية لتوزيعها على الوجه الأمثل , مما يجعلها تصل عبر المنظومة المقترحة إلى مستحقيها الحقيقيين , وهو ما يزيد من نفع الأضحية وثوابها في آن واحد , كما أنه يحقق إيصال الخير إلى مستحقيه بعزة وكرامة وآلية لا تمتهن آدمية الإنسان أو تنال منها.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى