:أهم الأخبارمقالات

حق الطريق والمرافق العامة

  يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ” (صحيح مسلم) , ولما سأله أحد الناس : يا رسول الله دلَّني على عمل يدخل الجنة فقال له (صلى الله عليه وسلم) : ” أَمِطِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : “أَمِطِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ” , ونهى (صلى الله عليه وسلم) عن التبول أو التغوط في الطريق لما في ذلك من أذى الناس , وقال (صلى الله عليه وسلم) يومًا لأصحابه (رضوان الله عليهم) : ” إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) :  فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ , قَالُوا وَمَا حَقُّهُ ؟ قَالَ : غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ” (متفق عليه) .

      فثمة آداب عامة يجب أن نتحلى بها في الطرقات والحدائق والأماكن العامة , أولا : الحفاظ على المكان , وتركه أنظف مما كان , والتعامل معه تعامل الإنسان مع ماله الخاص , وعدم الإسراف في أي خدمة تقدم في إطار المرفق العام من مياه أو كهرباء أو خلافه .

      ومنها الآداب العامة , كغض البصر , وكف الأذى , سواء أكان كفًّا للأذى عن طريق نفسه , أم كفًّا لأذى الإنسان نفسه عن الناس , فالمسلم الحقيقي من سلم الناس من لسانه ويده , ومنها رد السلام , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا” , لا أن يكون حالنا كحال من يتعامل – حتى مع السلام – بنفعية وقياس لمنازل الناس , على حد قول الشاعر:

يحيـــى بالســـلام غنــى قــوم

ويبخل بالسلام علـــى الفقـيـر

أليس المـوت بينهمــا ســـواء

إذا ماتــوا وصـــاروا بالقبـــور

      وقد قالوا : أبخل الناس من يبخل بالسلام , لأنه يبخل باليسير الذي لا يكلفه شيئًا , ومن أهم آداب الطريق الالتزام بقواعد وتعليمات السير فيه , وعدم الاعتداء عليه أو تضييقه أو التعدي عليه بالبناء أو أي لون من ألوان الاستغلال غير القانوني أو إعاقة السير فيه , كعمل بعض المطبات المطابقة للمواصفات بعيدًا عن الجهات المسئولة عن الطريق.

      وإذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد جعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة , وجعله شعبة من شعب الإيمان , وسبيلاً لدخول الجنة , فإن الاعتداء على حق الطريق أو المرافق العامة وفق مفهوم المخالفة عند الأصوليين يوقع صاحبه في الإثم ويعرضه لسخط الله (عز وجل) , كونه معتديًّا على الحق العام أو النفع العام , ويتخذ لنفسه منه خصماء عند الله (عز وجل) في الدنيا والآخرة , حيث يعرض نفسه لسخط الله وسخط الناس.

       وكل ما هو حق للطريق هو حق للأماكن والحدائق والمتنزهات والمصايف والمنتديات العامة , وكل ما يجمع الناس , إذ ينبغي على كل إنسان أن يحرص على نظافة وسلامة المكان الذي يكون فيه , وأن يحرص على عدم أذى الناس , بل يحرص كل الحرص على مساعدتهم , وإكرامهم , وأن يكون صورة إيجابية مشرفة لدينه ووطنه , فالإسلام ليس كلامًا , إنما هو فعل وسلوك يعبر عن مدى تمسك صاحبه بالمبادئ والقيم السامية والأخلاقية الكريمة , من عفة اليد واللسان والبصر , وطيب الحديث وسخاء النفس , يضاف إلى ذلك الحرص على سلامة المرافق العامة باعتبارها مالا عامًا يجب الحفاظ عليه.

      ويلحق بالمرافق العامة , المرافق الخاصة المشتركة , كمن يشتركون في مسقى أرض , أو طريق زراعي , أو مداخل العمارات والأبنية , أو الحدائق المحيطة بها , أو سلم العمارة أو سطحها  أو مصاعدها , فكل ذلك يقتضي التعاون في صيانتها وحسن استخدامها والحفاظ عليها , وألا يحاول أحد أن يكون عالة على الآخرين فيها أو أن يجور على حقهم في استخدامها , فخير الناس خيرهم لأهله , وخيرهم لجيرانه , ويكفى أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد قال : ” وَاللَّهِ لاَيُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ) قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : (الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ،قِيلَ: وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ : شَرُّهُ” , وسأل أحد الناس النبي (صلى الله عليه وسلم) قائلاً : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى أَكُونُ مُحْسِنًا؟، قَالَ:  «إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ: أَنْتَ مُحْسِنٌ، فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِذَا قَالُوا: إِنَّكَ مُسِئٌ، فَأَنْتَ مُسِئٌ” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثهُ” .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى