:أخبار وآراءأهم الأخبار

حـال أهـل الجنـة

     لقد عرف الصحابة الكرام والتابعون من بعدهم وأهل العلم حقيقة الجنة فعملوا لها ، فعن أنس (رضي الله عنه) : أنَّ أمَّ الرُّبيعِ بنتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حَارِثة بن سُرَاقَةَ ، أتَتِ النبي (صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَتْ : يَا رسولَ اللهِ ، ألاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ – وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ – فَإنْ كَانَ في الجَنَّةِ صَبَرْتُ ، وَإنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ في البُكَاءِ ، فَقَالَ: ( يَا أُمَّ حَارِثَةَ إنَّهَا جِنَانٌ في الجَنَّةِ ، وَإنَّ ابْنَكِ أصابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى ” .

      وعندما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر : “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ” ، قَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحَمَامِ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ وَفِي يَدِهِ تُمَيْرَاتٌ يَأْكُلُهُنَّ : بَخٍ بَخٍ فَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلاءِ ، ثُمَّ قَذَفَ التُّمَيْرَاتِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ” كما تمنى , تحقيقًا لإرادة الله سبحانه وتعالى.

       والجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , فهي كما يقول الحق سبحانه : “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ” , وحيث يقول سبحانه : “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ” , ويقول سبحانه : ” كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا”.

        ومن إكرام الله تعالى لأهل الجنة أنهم يشربون عند الحوض من يد الحبيب (صلى الله عليه وسلم) شربة لا يظمأون بعدها أبدًا , فعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) أنه قال : ‏قَالَ النَّبِيُّ ‏ (‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : “‏حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبدا” .

      وأهل الجنة تأتيهم البشريات من ساعة الاحتضار إلى الاستقرار في جنان الخلد , ففي لحظة الاحتضار تكون لهم البشرى , حيث يقول الحق سبحانه : “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ” , وكما ورد في الأثر يقال للعبد المؤمن : لا تخف يا عبد الله ولا تحزن وأبشر بالجنة التي كنت توعد , هذا مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا في الجنة.

       وعند السؤال يكون لهم التثبيت , حيث يقول الحق سبحانه : ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ”.

       فإذا كان يوم المحشر والمنشر كان تلقي الملائكة لهم بالبشرى والطمأنينة , حيث يقول الحق سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ” .

      وحال أهل الجنة أمان وسلام وإكرام , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ” , ويقول الحق سبحانه : “سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ” , ” ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ” , لا غل فيها ولا حسد , حيث يقول الحق سبحانه : ” وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ” , ويقول سبحانه : “وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ” , ذلك أن رب العزة يطلع على أهل الجنة فيقول : ” يَا أَهْلَ الجَنَّةِ؟ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا” .

     وهي دار المتقين وميراثهم , يقول سبحانه : “تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا” , ويقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ” , ويقول سبحانه : ” أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى