جــهاد العلمـاء
لعل واجب الوقت وفريضته للعلماء في هذا الوقت هو تصحيح المفاهيم الخاطئة ، مع تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين ، والعمل على نشر الفكر الإسلامي الصحيح ، والقيام بواجبهم في تقديم حلول ورؤى واجتهادات عصرية تتسق وروح العصر ومستجداته في ضوء الحفاظ على الثوابت ، والتفرقة الواضحة الصريحة بين الثابت المقدس والفكر البشري المكتوب حول النص المقدس ، سواء أكان هذا الفكر البشري متعلقًا بفهم بعض نصوص القرآن الكريم أو بعض نصوص السنة النبوية المشرفة المطهرة، أم كان آراء واجتهادات واستنباطات فقهية أو فكرية .
وإن نفي تحريف الغالين والمتنطعين ، وبيان وضع الوضاعين وانتحال المبطلين ، وتصويب خطأ المخطئين وتأويل الجاهلين ، وتفنيد ضلالات المضلين والإرهابيين والمتطرفين والمتشددين ؛ من أولى أولويات وواجبات الوقت ، بقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين” (رواه البيهقي) .
ويلحق بذلك أيضًا التنبيه إلى خطر الشائعات ، فقد دأبت عناصر وكتائب الجماعات الإرهابية على بث الشائعات ونشرها وتشويه الإنجازات والرموز الوطنية والعمل على التهوين من شأنها ، معتمدين عنصر الفكاهة والسخرية كوسيلة لترويج شائعاتهم الخبيثة ، كما أن بعض الناس قد ينقلون هذه الشائعات أو بعضها نشرًا أو مشاركة أو إعجابًا أو ترديدًا على سبيل النكتة أو الطرفة ونحوهما دون أن يدروا أنهم بذلك يسهمون في ترويج الشائعة التي هي كذب وافتراء وزور وبهتان من جهة ، وغمز وهمز ولمز وتهكم وسخرية من جهة أخرى ، فهي تجمع الإثم والشر من وجوه عديدة ، حيث يقول الحق سبحانه : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ” (الحجرات : 11).
وهنا يأتي دور العلماء والمفكرين والمثقفين في تفنيد هذه الشائعات وكشف زيفها ، وبيان خطرها ، وكشف الأغراض الخبيثة لمروجيها ، كما أن على كل متدين يتقي الله في دينه وكل وطني شريف يتقي الله في وطنه ألا ينساقوا خلف هذه الجماعات الإرهابية العميلة المأجورة ، ومواجهة هذه الشائعات بالحقائق ما وسعهم ذلك .
فالخطـر كل الخطـر أن نقف موقـف المتفرج أو المتردد , بل يجب أن نكون في سباق مع الزمن لمحاصرة هذه الكتائب الإلكترونية والعناصر الإرهابية على كل المستويات : الدينية , والثقافية , والإعلامية ، بكشف زيفها وزيغها وضلالها وإضلالها , وفسادها وإفسادها , وخيانتها وعمالتها , وخطرها على المجتمع بأثره , وعلى كيان وبنيان الدولة الوطنية التي نسعى جميعًا إلى ترسيخ قواعدها واستقرار دعائمها , وإلى نهضتها ورقيها , مع التأكيد الدائم أن هؤلاء المجرمين لا علاقة لهم بالإسلام , ولا علاقة للإسلام بهم , فهو منهم ومن أفعالهم براء , بل إنهم ليمثلون عبئًا ثقيلاً على الإسلام والمسلمين , إنهم يشوهون الوجه الحضاري لديننا الإسلامي السمح .
ولو أن أعداء الإسلام استنفدوا كل طاقاتهم وأخرجوا كل ما في جعابهم لينالوا من الإسلام وأهله ما نالوا معشار ما أحدثه هؤلاء الإرهابيون من صدع في بناء الحضارة الإسلامية الراسخة , وما أحدثوه من تشويه وخدوش وكدوح في وجهها النقي الصافي.