:أهم الأخبارمقالات

ثقافة المؤتمرات ورسالتها

بعد مؤتمر الأزهر الشريف المتميز الناجح الذي عُقد يومي الثامن والعشرين من فبراير والأول من مارس الجاري تحت عنوان : “الحرية والمواطنة .. التنوع والتكامل” الذي عالج موضوعًا هامًّا هو موضوع المواطنة , وإيمانًا منًّا بأهمية العمل على ترسيخ أسس المواطنة انطلقنا إلى إقامة عدة ندوات حول موضوع “المواطنة المتكافئة حقوق وواجبات” , مؤكدين أن قضية المواطنة لم تعد قضية رفاهية أو من نافلة القول , إنما هي واجب الوقت ، وأن تحقيق المواطنة العادلة المتكافئة أحد أهم عوامل استقرار الدول وتقدمها ..

وحيث أكد ضيوف المؤتمر عن تقديرهم لمصر الأزهر , وتأكيدهم على أنها هي القادرة على لمِّ الشمل العربي , وحمل لواء الريادة في التواصل البناء بين الشرق والغرب , يأتي مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية الذي يعقد يومي الحادي عشر والثاني عشر من مارس 2017م تحت عنوان : “دور القادة وصانعي القرار في نشر ثقافة السلام ومواجهة التحديات” ليعالج قضية هي أيضًا في غاية الأهمية ، لتتكامل الجهود في نشر ثقافة السلام وتأصيل فقه العيش المشترك , ومواجهة التحديات وبخاصة الإرهاب والفكر المتطرف , حيث تدور محاور المؤتمر حول دور كل من القادة الدينيين , والسياسيين , والبرلمانيين , والإعلاميين , والأكاديميين في نشر ثقافة السلام ومواجهة التحديات الفكرية والثقافية والإرهابية , إيمانًا منا بأن أحدًا لا يمكن أن ينجح وحده , أو يبني دولة وحده .

وإيمانًا منا بالمسئولية المشتركة بل التضامنية في نشر ثقافة التسامح والسلام ، وتأصيل فقه العيش المشترك ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، ومواجهة التحديات ، والإرهاب والفكر المتطرف ، والعمل على تفنيد مقولات أصحابهما الفكرية من جهة ، واستئصال شأفتهما ميدانيًّا من جهة أخرى ، لما يشكلانه من خطر داهم على الأمن والسلام العالمي ، حيث لم يعد خطر الإرهاب قاصرًا على منطقة جغرافية أو مناطق بعينها دون الأخرى ، بل إنه صار عابرًا للحدود والقارات بشرِّه المستطير ، سواء من خلال تنفيذ العمليات الإجرامية أم من حيث بثّ سمومه الفكرية عبر وسائل التواصل الحديثة والعصرية ، التي                  لا تحدها حدود مكانية أو تستوقفها منصات الصواريخ أو مصداتها أو قببها الفولاذية.

ولا شك أن وجود إرادة سياسية قوية لمواجهة الإرهاب يعد أمرًا حيويًّا ومحركًا رئيسًا لسائر المؤسسات : الدينية ، والتربوية ، والثقافية ، والبرلمانية ، والأمنية ، والعسكرية ، وأننا في حاجة لتضافر جهود كل تلك المؤسسات  على مستوى كل دولة على حدة ، وتكاملها فيما بينها على المستوى الدولي ، حتى نخلص الإنسانية جمعاء من شرور الإرهاب الغاشم ، ونرسخ أسس المواطنة المتكافئة من جهة، وفقه التعايش السلمي والعيش الإنساني المشترك من جهة أخرى ، مؤكدين أن جميع الأديان ، وجميع الأعراف السوية ، تحترم حق الإنسان في الحياة الكريمة دون تفرقة على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق ، وأن الدول التي آمنت بالتنوع وأرست أسس المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات هي أكثر الدول استقرارًا وتقدمًا وتحقيقًا للتنمية ، وأن الدول التي وقعت في براثن الصراعات المذهبية أو الطائفية أو العرقية هي أكثر الدول تمزقًا وتشتتًا، وأن التصدع الذي يحدث في دولة ما يلقي بظلاله على محيطها ومنطقتها ، وكثيرًا ما يتجاوز هذا المحيط الإقليمي إلى تداعيات دولية ، مما يتطلب منا جميعًا العمل لصالح الإنسان والإنسانية ، واعتماد التواصل الإنساني والحضاري بديلاً للصراع والإقصاء والرفض .

وقد رأينا إلى جانب الأبعاد العلمية أن نرسل رسالة للعالم كله عن بعض معالم الحضارة المصرية من خلال الزيارات والجولات الميدانية التي تنظمها وزارة الأوقاف المصرية لضيوف المؤتمر الذين يمثلون أكثر من أربعين دولة من دول العالم ، حيث يضم المؤتمر نحو خمسين وزيرًا ومفتيًا ورئيسًا لمؤسسة إسلامية أو مجلسًا أعلى للشئون الإسلامية ، ونخبة من العلماء والسياسيين والبرلمانيين والمفكرين والإعلاميين من مختلف دول العالم ، حيث نقوم بتنظيم جولات لمتحف الفن الإسلامي ، وللأهرامات ، ومسجد محمد علي ، والسلطان حسن ، وعمرو بن العاص ، ومجمع الأديان ، والكنيسة المعلقة ؛ ليقف ضيوف مصر على بعض أوجه حضارتها ، وعلى تعانق مآذنها وكنائسها في أنموذج لأعلى درجات التسامح الإنساني.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى