:أهم الأخبارمقالات

تحريف الكلم عن مواضعه

لقد رفع الله (عز وجل) شأن العلم والعلماء فقال سبحانه : ” يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ” (المجادلة : 11) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ”.

وإن من المسلمات أن هؤلاء العلماء الذين رفع الله قدرهم في الدنيا والآخرة ، هم أرباب العلم النافع الذي ينفع البشرية في أمور دينها أو أمور دنياها ، وليس علماء الفتنة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويشترون به ثمنًا قليلاً ، حيث يقول الحق سبحانه : “مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا” (النساء : 46) ، ويقول سبحانه : “فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (المائدة : 13) ، ويقول سبحانه : “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” (المائدة : 41) .

ولا يزال علماء الفتنة يحرفون الكلم عن مواضعه ، يجتزئون النصوص تارة ، ويلوون أعناقها أخرى ، يجمد بعضهم عند ظواهر النصوص دون فهم لمقاصدها ، ويحملها بعضهم ما لا تحتمل من التفسير والتأويل ،ويخرج بها بعضهم عن سياقها جملةً وتفصيلاً .

وهنا يأتي دور علماء الأمة ومصابيح الهداية والرشاد ، لبيان صحيح الدين ، وكشف زيغ وزيف المبطلين والمتاجرين بالدين ، ومن يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً ، حيث يقول (نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الجاهلينَ” .

والذي لا شك فيه أن المعركة الفكرية أو معركة الوعي لا تقل خطورة أو ضراوة عن سائر الأسلحة الفتاكة والمدمرة ؛ لأن الهزيمة المعنوية للشعوب من داخلها أقل كلفة للأعداء ، وأشد خطرًا على الأمة ، تمزق أوصالها ، وتفرق جمعها ، من بث الشائعات والأكاذيب والافتراءات تارة ، وإثارة الفتن بين أبنائها تارة أخرى ، والتحريض على العنف واستباحة الدماء والأعراض والأموال ثالثة ، مما يجعل من مواجهة تلك الأفكار الضالة والجماعات العميلة والمنحرفة واجب الوقت دينيًّا ووطنيًّا وإنسانيًّا ، حتى نجلي عن صفحة ديننا النقية ما ران عليها من تراكم غبار وأفكار تلك الجماعات الضالة ، وننقذ أوطاننا وأمتنا والبشرية من خطر الإرهابيين والمتاجرين بالدين .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى