:أهم الأخبارمقالات

النفس في القرآن الكريم

Mokhtar-Gomaa

تحدث القرآن الكريم كثيرًا عن النفس ، فذكر النفس المطمئنة ، والنفس اللوامة ، والنفس الأمارة بالسوء ، أما النفس المطمئنة فهي النفس الآمنة من الخوف والحزن بسبب إيمانها الصادق ، وعملها الصالح ، يقول الحق سبحانه وتعالى:” يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ” (الفجر : 27-30) فهي راضية تمام الرضا بما أعطاها الله (عز وجل) من ثواب عظيم  وآتاها من فضل كبير ، ومرضيٌّ عنها بسبب صلاح عملها وصدق إيمانها .

وأما النفس اللوامة ، فهي التي تلوم صاحبها على ما يقصر فيه ، فهي مهما أكثرت من فعل الخير تتمنى الزيادة منه ، يقول الحسن البصري (رضي الله عنه): إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه ، ويقول : ما أردت بكلمتي ؟ ما أردت بأكلتي ؟ ، وإن الفاجر يمضي قدمًا ما يعاتب نفسه .

وهذه النفس أيضا مشرفة ومرضي عنها ، ولذلك أقسم بها الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز فقال : ” لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ * أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ” (القيامة : 1-4) .

وأما النفس الأمارة بالسوء فهي التي تميل إلى الشهوات وتأمر صاحبها بالسوء وعمل المعاصي طلبا لملذاتها ورغباتها ، يقول سبحانه وتعالى على لسان يوسف عليه السلام : ” وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ “.

وتأكيدًا على أهمية النفس واهتمامًا بشأنها دعانا القرآن الكريم إلى التأمل في أنفسنا : خلقتها , وطبيعتها , وأحوالها , فقال سبحانه وتعالى : ” وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ” (الذاريات : 21) أي : وفي أنفسكم وذواتكم وخلقكم وأصل ومراحل خلقتكم أفلا تبصرون إبصار تذكر واعتبار، ويقول سبحانه : ” أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ” (يس: 77 – 79)، ويقول سبحانه:”سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” (فصلت : 53) ، والنفس نفسان  : نفس زكية نقية صالحة طاهرة، وأخرى عصية فاجرة ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا “(الشمس : 7-8) ، ويقول سبحانه: “وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ” (البلد : 10) ، أي طريق الخير وطريق الشر ، فأما النفس المؤمنة فتسلك الطريق الأول طريق الخير ، وأما النفس الخاسرة فهي التي تسلك الطريق الآخر طريق الشر ، وهذه وتلك تأتي ومعها شهيد يشهد لها أو عليها بما قدمت ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ” (ق : 21-22) ، وهي ما بين سعادة وشقاء وفق ما قدمت وما كان منها ، إن خيرًا فخير ، وإن شرًا فشر ، حيث يقول الحق سبحانه : ” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ” (هود : 108) ، وحول خدمة النفس والعمل على تزكيتها يقول الشاعر :

ياخادم الجسم كم تشقى بخدمته

أتطلــب الربح مما فيه خــــــــسران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها

فأنت بالنفس لا بالجـــــــسم إنسان

 

 

 

 

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى