:أهم الأخبارمقالات

القيم والأخلاق والمواطنة

أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

    في إطار العمل الجماعي المشترك بين وزارتي الأوقاف والشباب , وفي ضوء توصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ وما انبثق عنه من مؤتمرات شهرية ولقاءات على مستوى المحافظات , قررنا بالتنسيق الكامل مع وزارة الشباب والرياضة الإعداد لملتقى يومي على مدار شهر رمضان المبارك 1438 هـ يُقام بمركز شباب الجزيرة بالقاهرة تحت عنوان  ملتقى القيم والأخلاق والمواطنة” , للعمل على ترسيخ منظومة القيم والأخلاق , وتعزيز روح الانتماء الوطني وبخاصة لدى الشباب ، من خلال اللقاء المباشر بين الشباب والفتيات على اختلاف أطيافهم السياسية ومشاربهم الثقافية وتنشئتهم الاجتماعية وعلماء الدين والنفس والاجتماع والمفكرين والمثقفين والأدباء والسياسيين والإعلاميين والمسئولين التنفيذيين على اختلاف مستوياتهم التنفيذية في جلسات حوار فكري وثقافي ووطني بنّاء , لمناقشة مختلف القضايا , والاستماع الجيد إلى رؤى الشباب فيها , والخروج في نهاية الملتقى بتوصيات قابلة للتطبيق , مع أنشطة شبابية موازية في مجال تطبيق الأفكار الذي يتناولها المنتدى .

    ويأتي اختيارنا وتركيزنا على منظومة القيم والأخلاق والمواطنة لما لها من انعكاس على الأداء في مختلف المجالات , فبترسيخ القيم والأخلاق نسهم في القضاء على مثالب اجتماعية خطيرة كالغش والاحتكار والاستغلال والتربح واستغلال النفوذ وسائر أنواع الفساد المترتبة على الضعف البشري وغياب الوازع الديني والقيمي , ببيان أن الإتقان والالتزام بالقيم سيعود بالنفع على صاحبه في الدنيا والآخرة , ففي الدنيا إن أتقنت أتقن لله , وإن غَششت غُششت , وإن خدعت الناس خدعوك , فأنت واحد وهم جمع , فمهما خدعت فإن ما يقع عليك من مخادعة الآخرين آنذاك سيكون أضعاف أضعاف ما يمكن أن تخدع به الآخرين , ثم كيف تلقى الله (عز وجل) بالخداع أو الغش أو الكذب, أو الغدر أو الخيانة ؟! والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ” (رواه مسلم) .

    ثم إن الإنسان لا يمكن أن يعمل للمصلحة العامة إلا إذا كان مؤمنًا بوطنه منتميًّا حق الانتماء إليه غير مشتت الولاءات بين الجماعات والتنظيمات في الداخل أو في الخارج أو فيهما معًا , إنما هو ولاء واحد واضح شفاف لا لبس فيه  , خالصًا لله (عز وجل) وللوطن الذي ينتمي إليه الإنسان , يشعر بحقه عليه , ويعمل جاهدًا على نهضته ورقيه , وهو على استعداد دائما للتضحية في سبيله , كما أنه يدرك إدراكًا تامًا وكاملاً وواضحًا لا لبس فيه بأن الوطن لجميع أبنائه دون تمييز وهو بهم جميعًا  وليس بفريق أو طائفة أو جماعة أو تنظيم , أو شريحة من شرائح المجتمع دون الأخرى , فالوطن بنا جميعًا ولنا جميعًا مع تكافؤ في الحقوق والواجبات على أسس وطنية راسخة , فما يصيبنا من خير لنا جميعًا , وما يكون من تبعات فإنه مسئوليتنا جميعًا , ولو تركنا أهل الشر والفساد ولم نأخذ على أيديهم لهلكنا جميعًا , حيث  يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِ مِنْهُ” ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا : لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ” (رواه البخاري) .

     ومن هنا يجب أن نعمل معًا في سبيل البناء والتعمير والتنمية في شتى المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية والتنموية والمجتمعية , كما نعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار المنحرفة , وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمواطنة , وعلى اجتثاث الإرهاب من جذوره , فمع الإرهاب لا أمن ولا تنمية ولا استثمار.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى