:أخبار وآراءأهم الأخبارمقالات

القارة الواعدة

   أفريقيا قارة واعدة ، أفريقيا اليوم ليست أفريقيا الأمس , وأفريقيا معنا ولن تكون علينا , ظروفنا وأوضاعنا ومشكلاتنا وتحدياتنا تحمل كثيرًا من أوجه التشابه والهموم المشتركة , معظم أبناء القارة الأفريقية يبحثون عن السلام وعن الحياة الكريمة , وليس للقارة مطامع في ثروات غيرها , أقصى ما يتمناه أهلها هو أن يتمتعوا بثروات بلادهم وخيراتها , وليس لدى أكثرهم مانع من فتح أبوابهم للتعاون المشترك والقسمة العادلة للمكاسب المشروعة بينهم وبين المستثمرين الجادين من خارجها , وهي قارة لا تزال بكرًا وقادرة على الاستيعاب لضخامة الفرص الاستثمارية بها ، وغناها بالموارد الطبيعية التي تمثل ثروة هائلة للقارة وخدمة أبنائها لو تعاونا جميعًا على النهوض بقارتنا والرقي بمستوى أبنائها .

  جذورنا مع القارة الأفريقية عميقة , وتاريخنا معها تاريخ مشرف , ولمصر في القلب منها مكانة عظيمة , فقط نريد أن نعود وبقوة إلى هذه الجذور , وأن نقوم بالدور الذي كنا نقوم به عبر تاريخنا القديم والوسيط والحديث من مساعدةِ ومساندةِ دول هذه القارة ما وَسِعنا ذلك , ونحن نمتلك من الرؤى والخبرات ما يشكل إضافة لهذه القارة ، وهو ما يسعى سيادة الرئيس / عبد الفتاح السيسي إلى جعله واقعًا ملموسًا على أرضها الكريمة.

  ولا شك أن تلك الجهود الجبارة التي قام ويقوم بها سيادة الرئيس في الانفتاح على دول القارة والاهتمام بها وبشئونها , وحرصه على التنمية الشاملة لها ولسائر دولها , قد أعادت لمصر مكانتها وبقوة على الخريطة الأفريقية .

  وقد اتخذ سيادة الرئيس من العمل على تقوية علاقة مصر بالقارة الأفريقية استراتيجية واضحة وثابتة وراسخة , غير أنه قد بقي علينا جميعًا من التنفيذيين والكتاب والمفكرين ورجال الأعمال والبرلمانيين أن نجعل من الشأن الأفريقي محورًا هامًّا وأساسًا, وأن نعمل على خلق رأي عام بأهمية دورنا الأفريقي , وأهمية علاقتنا الأفريقية ، وأنها إضافة إلى رصيدنا الدولي والاستراتيجي وليست خصمًا منه , وأن نقدر لأشقائنا الأفارقة دورهم البناء في النهوض بالقارة ، في إطار ما حققته بعض دولها من مستويات تبشر بأمل كبير للقارة كلها .

  إننا في حاجة أن نعمل مع أشقائنا الأفارقة , وأن نستثمر معًا , وأن ننشيء شراكات واسعة مع دول القارة , من باب التنمية الشاملة لجميع دولها وصالح جميع شعوبها , ولا شك أن تخصيص محور هام في منتدى شباب العالم الذي عقد بمدينة شرم الشيخ في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر الجاري إنما يأتي في إطار هذه الرؤية الاستراتيجية الشاملة.

  وقد حاولت أن أضرب أنموذجا في إطار تخصصي العلمي الدقيق وهو مجال الدراسات الأدبية والنقدية , فصوبت وجهتي مبكرًا تجاه أفريقيا وأعددت دراسة عن الساحل الشرقي بها تحت عنوان : (الشعر العماني في المهجر الأفريقي) ، تم طباعتها عام 1420هـ  – 1999م.

  وإذا كان مؤرخو الأدب قد اهتموا بمدرستي المهجر : المهجر الشمالي الذي نشأ في أمريكا الشمالية ، والعصبة الأندلسية التي نشأت في أمريكا الجنوبية ، فإنني أفردت كتابًا عن الشعر العماني والشعراء العمانيين في المهجر الأفريقي ، والذين يأتي على رأسهم وفي مقدمتهم الشاعر الكبير أبو مسلم الرواحي أحد أكبر وأهم الشعراء العمانيين عبر تاريخ عمان القديم والحديث إن لم يكن أكبرهم وأشهرهم على الإطلاق .

  وقد اتخذت وزارة الأوقاف المصرية من الاتصال بأفريقيا والاهتمام بها خطًا ثابتًا لم يتغير ، سواء في إيفاد مبعوثين ، أم في دعوة كبار علمائها إلى مؤتمراتنا الدولية التي بلغت حتى تاريخه سبعة وعشرين مؤتمرًا دوليًّا , وفي مسابقاتنا العالمية للقرآن الكريم التي بلغت حتى تاريخه خمسًا وعشرين مسابقة عالمية , ومن أوائل الفائزين فيها في العام الماضي من قارة أفريقيا حسن مصطفى بشير من دولة نيجيريا بالفرع الثاني ، وهيثم صقر أحمد من دولة كينيا بالفرع الثالث ، وفي العام قبل الماضي البشير أبو بكر من دولة نيجيريا , وتم دعوة عدد كبير من علمائها للمشاركة في المؤتمر الدولي التاسع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عقد في يناير 2019م , ويجري الآن دعوة عدد كبير من أبنائها للمشاركة في المسابقة العالمية للقرآن الكريم التي تعقدها الوزارة في مارس 2019م بإذن الله تعالى , مع توسعنا في التعاون مع أشقائنا الأفارقة في كل ما يتصل بنشر الفكر الوسطي المستنير , وترسيخ أسس العيش المشترك ، وفقه التعايش السلمي بين البشر جميعا، وحق الإنسان في الحياة الكريمة لكونه إنسانًا , بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه أو عرقه أو لغته أو قبيلته.

  وقد أطلقنا في وزارة الأوقاف المصرية مبادرة “عام 2019م عام الحوار والتسامح الديني في أفريقيا” ، قصد إحلال الحوار والتسامح محل الصراع والاحتراب ، وعلى الفور لاقت المبادرة استجابة واسعة وتأييدًا كبيرًا بدأ بتأييد كل من : وزير الأوقاف السوداني ، ووزير الأوقاف الموريتاني، وغيرهم من علماء الدين بالقارة ، وهو ما شجعنا على المضي قُدمًا في تبني المبادرة والعمل عليها على مدار عام 2019م عام رئاسة جمهورية مصر العربية للاتحاد الأفريقي .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى