العيد وصلة الرحم
العيد فرحة ، العيد بهجة ، العيد سعادة ، العيد شكر على ما أنعم الله به علينا من فيض كرمه وتوفيقه ، حيث تسبق الأعياد مواسم الطاعات والخيرات والبركات ، فعيد الفطر يأتي بعد تمام فريضة الصيام ، وعيد الأضحى يأتي مقترنًا بشعيرة الحج وشعيرة الأضحية وفضائل العشر ، حيث يقول سبحانه : “ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ” (الحج : 32) .
وقد نشأنا وتربينا على أن الأعياد هي من أهم مواسم ومناسبات صلة الأرحام ، إذ يحرص الناس في هذه الأعياد على صلة من قطع وتعميق وصال ما اتصل منها وحق لهم ، فصلة الأرحام باب واسع من أبواب الرحمة والبر ، وقطعها إثم بالغ ومعصية ، حيث يقول الحق سبحانه” وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه” (أخرجه البخاري)
الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم القيامة ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها ، وعليه بقطيعة إن كان قطعها” (رواه البخاري) ، ويقول(صلى الله عليه وسلم) : ” الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ ، ومَن قطعني قطعه اللهُ” (رواه مسلم).
ويقول (صلى الله عليه وسلم): ” (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) ، (رواه الترمذي وابن ماجة) .
والصلة الحقيقية الكاملة ينبغي أن تشمل جميع الأقرباء حتى القاطع منهم يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) ” ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعتْ رحمهُ وصلها” (أخرجه البخاري) ، وقد حذرنا ديننا الحنيف من قطيعة الرحم يقول الله (عز وجل) ” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ” .
والصدقة على ذوي الأرحام لها أجران يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إنَّ الصَّدقة على المسكين صدقةٌ ، وعلى ذي الرَّحم اثنتان: صدَقةٌ وصِلةٌ ” (رواه النسائي)، ويترتب عليها سعة في الرزق وبركة في العمر وسعادة في الدنيا والآخرة يقول ( صلى الله عليه وسلم) “من أحبَّ أن يُبسط له في رزقه ، ويُنْسأَ له في أثره ، فليصل رحمه” (متفق عليه) ، وصلة الأرحام تكون بزيارتهم ، ومجالستهم ، والإحسان إليهم ، وأقل ما يقدمه الإنسان لصلة رحمه هو السلام يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “صلوا أرحامكم ولو بالسلام “(رواه البيهقي).
وإذا كان ديننا الحنيف قد نهى المسلم عن أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :” لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا، ويُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ ” (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) ، فإن العاقل من يغتنم هذه الأيام المباركة ويستجيب لقول نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم):” وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ ” ، فيعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه ويحسن إلى من أساء إليه ، استجابة لقول (الله عز وجل) :” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ” .