:أهم الأخبارمقالات

العيد بسمة وفرحة

أ.د/ محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف

       نستقبل اليوم الجمعة العاشر من ذي الحجة 1438هــ الموافق الأول من سبتمبر 2017م أول أيام عيد الأضحى المبارك ، ومن فضل الله تعالى على عباده أن من علينا فيه بعيدين لا عيد واحد ، العيد الأول هو يوم النحر ، والعيد الآخر هو يوم الجمعة، والفضل فيهما عظيم.

          ففي الأول (فضل يوم النحر) قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ وَهُوَ الَّذِي يَلِيهِ) ، وقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا).

         وفي الآخر (فضل يوم الجمعة) يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ، يُزَهِّدُهَا” ، وقد جعله  الله عيدًا للمسلمين ، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ” إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ ، جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ”.

      وقد قال أحد أحبار اليهود لسيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) إن آية نزلت في كتاب الله (عز وجل) لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا يوم نزولها عيدًا ” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”  ، فقال ابن عباس : لقد اتخذنا من نزولها عيدين لا عيدًا واحدًا ، فقد نزلت يوم عرفة يوم الحج الأكبر وفي يوم الجمعة وكلاهما لنا عيد .

       على أنني أؤكد على عدة أمور ، الأول : مدى سماحة شريعة الإسلام ويسره، وحرصه على رفع المشقة والحرج عن الناس أجمعين في شأن إقامة صلاتي العيد والجمعة ، حيث أكدنا أننا في وزارة الأوقاف أصدرنا بيانا بهذا الشأن ، وقلنا : إن الأفضل لمن يتيسر له إقامة الشعيرتين وحضور الجماعتين أن يفعل ، أما من يشق عليه ذلك لعذر أو نحوه على نحو ما رخص النبي (صلى الله عليه وسلم) لبعض الأعراب الذين كانوا يسكنون بعيدًا عن المدينة وضواحيها في إمكانية الاكتفاء بحضور إحدى الجماعتين فلا حرج عليه إن أخذ بالرخصة ، سواء بحضور صلاة العيد , وصلاته الجمعة ظهرًا , أو الاكتفاء بحضور الجمعة , ويلحق بهم في جواز الأخذ بالرخصة في ذلك اليوم من قد تستدعى ظروف عمله الأخذ بالرخصة كالجزارين والأطباء البيطريين وأطباء الطوارئ ونحوهم , وما لم يكن هناك عذر أو مشقة فالأولى أداء الشعيرتين وحضور الجماعتين وذلك من يسر الشريعة ، حيث يقول الحق سبحانه : ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ” ، ويقول سبحانه : “وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” ، وقال أيضًا : “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا”) ، والله يريد بالأمة التخفيف واليسر ، وقال تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ).

الأمر الثاني : الحرص على صلة الأرحام وإدخال الفرحة والسرور على الفقراء والمحتاجين ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ , وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ , وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، ويقول سبحانه : “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” .

       وعلينا جميعًا في هذا اليوم المبارك أن نعمل على رسم البسمة على وجوه الجميع صغيرًا وكبيرًا , وإذا كان تبسم الإنسان في وجه أخيه الإنسان صدقة , فما أحلاها وما أعظمها وما أجدرنا بها في هذه الأيام المباركة , ولا سيما لو كان رسم هذه البسمة من خلال المعروف والبر وتفريج الكروب.

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى