:أهم الأخبارمقالات

العيد الحقيقي للعمال

mokhtar-gomaa3

 

لا شك أن لكل عيد أو احتفال مغزى ومعنى ، وفي عيد العمال تتداعى معان ومضامين متعددة ، من أهمها :

تكريم الإسلام للعمل والأيدي العاملة ، فعندما أمسك (صلى الله عليه وسلم) بيد أحد أصحابه فوجدها خشنة من أثر العمل ، قال: “هذه يد يحبها الله ورسوله”, وقال (صلى الله عليه وسلم) : “خيركم من يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود (عليه السلام) كان يأكل من عمل يده “، وقال (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ أَمْسَى كالًّا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ أَمْسَى مَغْفُورًا لَهُ “، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: ” لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ” (صحيح البخاري) ، ولما جاء أحد الناس يسأله قال له (صلى الله عليه وسلم) : ” أَمَا عِنْدَكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ : مَا عِنْدِي ، قَالَ : فَاذْهَبْ فَأْتِ بِمَا عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ ، فَرَجَعَ الأَنْصَارِيُّ فَلَمْ يَجِدْ إِلاَّ حِلْسًا وَقَدَحًا ، فَأَتَى بِهِما النَّبِيَّ (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) فَقَالَ: هَذَا الْحِلْسُ وَالْقَدَحُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ عِنْدَنَا ، أَمَّا الْحِلْسُ: فَكَانُوا يَفْتَرِشُونَ طَائِفَةً مِنْهَ وَيَلْبَسُونَ طَائِفَةً ، وَأَمَّا الْقَدَحُ: فَيَشْرَبُونَ فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم): مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) : مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُمَا بِاثْنَيْنِ ، قَالَ : هُمَا لَكَ فَأَعْطَاهُمَا ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَاشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَيْهِمْ ، وَاشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا فَأْسًا ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَأَخَذَهَا نَبِيُّ الله (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) بِيَدِهِ ، فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكَ نِصَابٌ أُثَبِّتُهَا ؟ قَالَ : لاَ , وَالله مَا هُوَ عِنْدِي , فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : بِأَبِي وَأُمِّي عِنْدِي نِصَابٌ عَسَى أَنْ يُوَافِقَهُ ، فَقَالَ: ائْتِ بِهَا إِنْ شَئْتَ ، فَأَتَى بِهَا ، فَأَخَذَ نَبِيُّ الله (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) الْفَأْسَ فَأَثْبَتَهَا فِي النِّصَابِ ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الأَنْصَارِيِّ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) : اذْهَبْ بِهَذَا الْفَأْسِ فَحَطِّبْ مَا وَجَدْتَ مِنْ شَوْكٍ ، أَوْ حَطَبٍ ، ثُمَّ احْتَزِمْ حِزْمَتَكَ ، فَأْتِ بِهَا السُّوقَ فَبِعْهَا بِمَا قَضَى الله لَكَ ، ثُمَّ لاَ تَأْتِنِي وَلاَ أَرَاكَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ كُلَّ يَوْمٍ يَغْدُو فَيَحْطِبُ ، ثُمَّ يَجِيءُ بِحَطَبِهِ إِلَى السُّوقِ فَيَبِيعَهُ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ ، حَتَّى أَتَتْ عَلَيْه خَمْسَ عَشَْرَةَ لَيْلَةٍ ، فَأَصَابَ فِيهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ أَتَى نَبِيَّ الله (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) فَقَالَ : يَا نَبِيَّ الله قَدْ جَعَلَ الله فِي الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ بَرَكَةً ، قَدْ أَصَبْتُ فِي خَمْس عَشْرَةَ لَيْلَةً عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَابْتَعْتُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ لِلْعِيَالِ طَعَامًا ، وَابْتَعْتُ لَهُمْ كسْوَةً بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم) : هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي وَجْهِكَ نُكَتُ الْمَسْأَلَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ : لِذِي دَمٍ موجع ، أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ ، أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ”.

ويقول الحق سبحانه :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” (الجمعة : 9-10) ، ويقول سبحانه: ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ” (الملك:15) ، ويقول سبحانه : ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” (التوبة:105) ، والعمل هنا شامل لكل ما هو من عمل الدنيا أو عمل الآخرة ، ولم يطلب الإسلام مجرد العمل ، بل أكد على إتقانه ، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” إِنَّ اللهَ (عز وجل) يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ ” (رواه الطبراني).

عيد العمال الحقيقي في توفير فرص عمل وفرص استثمار تتيح فرص العمل ، وهو ما تسعى الدولة جاهدة إليه وتعمل على تحقيقه من خلال المشروعات القومية الكبرى التي توفر فرص العمل الجاد لأبناء الوطن الجادين ، وهو ما يتطلب الحرص على الأمن والاستقرار ، والوقوف بالمرصاد في وجه دعاة الفوضى ، ومن يعملون على تعطيل مسيرة الوطن ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا” فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ” تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ” (صحيح البخاري) .

العيد الحقيقي هو أن نعمل على أن تصبح منتجات عمالنا علامة فارقة مميزة في مجال الصناعات في الداخل والخارج ، بحيث يرى العامل ثمرة عمله ، فيعتز بها ، ويقطف ثمارها ، ويعتز الوطن به ويجني معه ما يعود بالنفع والخير والرقي على أبناء الوطن جميعًا .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى