:أهم الأخبارمقالات

الخيانة والنفاق

      الخيانة داء لا يتسق مع الدين ولا مع الوطنية ولا الإنسانية السوية حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” (متفق عليه) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا ، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ” ، فمن اجتمعت فيه هذه الخصال، أو خصلة واحدة منها كان منافقًا ، لأن هذه الصفات الذميمة مهلكة للأفراد ومدمرة للأمم والمجتمعات .

    فكثيرًا ما نرى المنافق يكذب ليوهم الغير بصدق قوله وفعله، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}، فإذا ذُكر النفاق والخداع وخيانة الأمانة في القرآن الكريم ذُكر معه الكذب ، قال تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}.

     وقد حذر نبينا (صلى الله عليه وسلم) من الكذب مبينًا آثاره قائلًا : (وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)، وسئل النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: (لَا). ووصف أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) الكذب بالخيانة ، في قوله : (الصّدْقُ أَمَانَةٌ وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ …) .

    ومن علامات النفاق وأماراته : التحالف مع الأعداء والتواصل معهم على حساب الدين والوطن ، بالتجسس والخيانة ، ونقل الأخبار والمعلومات ، والإفصاح عن أسرار الوطن، فالمنافق عميل يوالي أعداء وطنه على حساب أهله وجيرانه وأقربائه ، على أن من باع وطنه باع دينه وعرضه وشرفه ، ومن لا خير لوطنه فيه فلا خير له في نفسه.

             وقد بيَّن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن خيانة الأمانة تكون على صاحبها يوم القيامة خزيًا وندامة ، فقَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ فَقِيلَ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَن)، ويكون (صلى الله عليه وسلم) خصيمه يوم القيامة ، حيث قال : (ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ) .

    ومن أخطر أنواع الخيانة خيانة الأوطان وبيعها بثمن بخس وعرض زائل من الدنيا على نحو ما تقوم به الجماعات المتطرفة ومن يوالونها أو يسيرون في ركابها وعلى نهجها في بيع أوطانهم بثمن بخس ، ذلك لأن الخونة أخطر على الأوطان من الأعداء ، فما من دولة سقطت على مدار التاريخ إلا كان وراء سقوطها خيانة وعمالة بعض الحاقدين من أبنائها ، فالعمالة والخيانة هما أخطر ما يهدد كيان الدول ووجودها .

 

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى