الخلايا السرطانية للإخوان
لا شك أن الخلايا النائمة ، أو المنوَّمة ، أو السرطانية ، أو الفيروسية ، تشكل خطرًا داهمًا ومدمرًا للمجتمع ، فالجماعة الإرهابية تسعى وبكل ما أوتيت من قوة إلى هدم الدولة ، سواء من خلال العمليات الإرهابية والتصفيات الجسدية ، واستهداف رجال الجيش والشرطة ، وعلماء الدين ، ورجال القضاء والإعلام ، وكل من يشتم منه الحرص والعمل على استقرار الوطن ، أم من خلال عملهم على تعطيل مرافق الدولة من خلال الفساد والإفساد ، والتخريب والهدم ، وهو ما صوره القرآن الكريم في حديثه عن المنافقين فقال الحق سبحانه وتعالى : “وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ” ، ويقول سبحانه : “وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ” ، ويقول سبحانه في شأن هؤلاء المنافقين الضالين المضللين المفسدين المخربين : ” هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ “.
فرجال أعمال الجماعة الإرهابية وممولوها يبذلون وسعهم في العمل على صنع الأزمات كلما لاحت لهم فرصة أو شبه فرصة أو دنت ، فإن لم تكن فرصة ولا شبه فرصة افتعلوا الأزمات وبثوا الشائعات لإضعاف الروح المعنوية للمجتمع وإصابته باليأس والإحباط , ولتشويه الرموز عملا على تشتيت جهودهم وجرهم إلى معارك جانبية أو كلامية لتعطيل المسيرة وبث الفرقة وإفقاد الثقة بين المرؤسين ورؤسائهم وإثارة القلاقل في المجتمع ، والفَتُّ في عضد بعض القيادات لتتخذ قرارات ليست في صالح الوطن إرضاء لبعض المطالب الفئوية التي كثيرًا ما تحركها عناصر الجماعة المجرمة ، فما تجد عناصر هذه الجماعة الإرهابية وخلاياها النائمة مطلبًا فئويًّا إلا حاولوا ركوبه وتوجيهه، ولا أزمة أو شبه أزمة إلا دسوا أنوفهم فيها , ووجهوا خلاياهم السرطانية والفيروسية لامتطائها ولي عنقها وأخذها في اتجاه التصعيد والهدم .
إن خطر الخلايا النائمة والمنوَّمَة لا يقل عن خطر ما يسمى بالخلايا النوعية الإرهابية ، فكلاهما خطر داهم على أمن المجتمع وسلامه ، وكلاهما يهدف إلى هدم الدولة أو إسقاطها في براثن الفوضى والضياع ، وكلاهما ينتهج الإرهاب المادي أو المعنوي والتخريب مسلكا ومنهجًا ، مما يتطلب تضافر الجهود لاستئصال هذا الداء الذي استشرى في المجتمع مع بدايات ظهور الجماعة الإرهابية ، ثم ازداد هذا الشر استشراء بأفكار سيد قطب وما تبناه التيار القطبي من رمي المجتمع بالجاهلية والكفر وضرورة المواجهة وتغيير الواقع بالقوة ، ثم ازداد الأمر شراسة تكاد تصل إلى حد الجنون باستباحة الدماء والقتل والتخريب والإفساد وتبرير جميع الوسائل القذرة للوصول إلى تحقيق أهدافهم إما بالحكم والسيطرة أو التخريب والتدمير وتقسيم الدول عمالة وخيانة مقابل مصالح ومنافع للجماعة والتنظيم وعناصرهما التي تسعى في الدنيا لقبض ثمن عمالتها وخيانتها لدينها وأمتها ولأوطانها ، غير أنها تجاهلت أو تناست حرمة هذه الدماء التي تسفك ، وتلك الممتلكات التي تدمر , والبلاد والدول التي تخرب ، والنساء اللاتي يُرَمَّلْنَ ، والأطفال الذين تشوه طفولتهم ، والأبرياء الذين تسفك ظلمًا وعدوانًا دماؤهم ، والعذارى اللاتي يُغْتَصبْنَ أو يُشَرَّدْنَ ، نسيت هذه العناصر أو تناست قول الله تعالى : “وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً” ، وقوله تعالى : ” وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ” ، وقوله سبحانه في شأن عباد الرحمن : “وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ” ، وقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ” , وقوله (صلى الله عليه وسلم) : “لَا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ” ، وقوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا” .
نسوا أو تناسوا قول الله تعالى : “يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” ، وقوله سبحانه : ” وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ”.