:أهم الأخبارمقالات

البر والوفاء

   البر والوفاء من صفات الرسل والأنبياء ، وقد امتدح الله عز وجل أبا الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام فقال سبحانه : ” وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ” ، وامتدح سيدنا إسماعيل عليه السلام  فقال سبحانه :” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ” ،  وقال في شأن سيدنا يحيى عليه السلام : “يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا *وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا”، وقال سبحانه على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا *وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ” ، وكان سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أوفى الناس بالناس ، وأبر الناس بالناس ، أوفى الناس وأبرهم لأهله ، ولأصحابه ، ولأمته ، وللناس أجمعين  .

   وقد ضرب لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أعظم المثل في ذلك في وفائه لزوجه خديجة حيث كان يقول عنها : “ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ منها الولد” ، وعن عائشة (رضي الله عنها) أن امرأة جاءت إلى بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فسألها عليه الصلاة والسلام من أنت  قالت جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ ، قَالَ : بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ ، كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ كَيْفَ حَالِكُمْ ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا ؟ قَالَتْ : بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَتْ : فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الإِقْبَالَ ؟ فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَانَ خَدِيجَةَ ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ ” ، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول : “إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ ، فَقُلْتُمْ : كَذَبْتَ ؛ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : صَدَقْتَ ؛ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ” فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي “ مَرَّتَيْنِ . فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا “.

   وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) وفيًّا لكل من أحسن إليه ، ومن ذلك وفاؤه لرجل مشرك أحسن إليه وهو المطعم بن عدي الذي أجاره وأدخله جواره عند عودته من الطائف إلى مكة فلما كلمه بعض الناس في أسرى بدر قال (صلى الله عليه وسلم) : “لو كان المطعم بن عدي حيًا فكلمني فيهم لتركتهم له” .

   ومنها وفاؤه حتى لمن أساءوا إليه من بني وطنه من أهل مكة ، فعندما دخلها فاتحًا منتصرًا قال يا أهل مكة  : ” مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟ ). قَالُوا : خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ :  ” اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ” .

   وقد سار أصحابه على هذا الوفاء ، ومن ذلك ما كان من سيدنا عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) الذي خرج في سفر ومعه مالك بن دينار ، فلقيه أعرابي ، فهش له ابن عمر وأكرمه وأحسن لقاءه، وخلع عمامته وأهداه إياها ثم أعطاه دابته التي كان يركبها ، فقال له ابن دينار لقد أحسنت وزدت ، وإن هؤلاء الأعراب يرضون باليسير ، فقال ابن عمر (رضي الله عنهما) : إن أبا هذا كان ودًا لعمر  ، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : ” إنَّ أبَرَّ البِرِّ, أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلُ وُدِّ أبيه “.

  ومن أهم ألوان البر والوفاء ، البر بالوطن والوفاء له ، على أن الوفاء للوطن يقتضي الإسهام الجاد في كل ما يدعم أمنه واستقراراه وتقدمه وازدهاره ، ولا شك أن المشاركة الإيجابية تعد لونًا من ألوان الوفاء للوطن ، إضافة إلى كونها مطلبًا وواجبًا وطنيًّا .

   وإننا لنؤمل أن نشارك جميعًا بروح وطنية إيجابية تبهر العالم كله ، وتظهر الجانب الحضاري المتجذر في أعماق وجينات الشعب المصري .

المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى