الإيمان بالكتب السماوية
الإيمان بالكتب السماوية
الإيمان بالكتب السماوية ركن من أركان الإيمان وجزء لا يتجزأ منه، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِالله وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ”، ويحدد نبينا (صلى الله عليه وسلم) أركان الإيمان في حديث جبريل (عليه السلام) فيقول: “أنْ تُؤْمِنَ بالله ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ”.
والكتب السماوية المذكورة في القرآن الكريم هي:
1- القرآن الكريم خاتم الكتب، المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول الحق سبحانه : “إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا “، ويقول سبحانه: “قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”، ويقول سبحانه: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ”.
2- الإنجيل المنزل على سيدنا عيسى (عليه السلام)، حيث يقول الحق سبحانه: “ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ”.
3- التوراة المنزلة على سيدنا موسى (عليه السلام)، حيث يقول الحق سبحانه: “وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ”.
4- الزبور المنزل على سيدنا داوود (عليه السلام) حيث يقول الحق سبحانه: “وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا”.
5- صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام)، حيث يقول الحق سبحانه : “إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى”.
وقد تحدث العلماء من الأصوليين والفقهاء عن شرع من قبلنا، وهل هو شرع لنا أو ليس شرعًا لنا؟ وخلاصة المعتمد عند جمهور العلماء من الأصوليين والفقهاء وغيرهم، أن الحديث منحصر فيما ورد من ذلك في القرآن الكريم والسنة دون سواهما، وقسموا ذلك إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما ورد في القرآن الكريم أو السنة أو بهما على أنه لنا ولهم مثل الصيام (وإن اختلفت طبيعته) في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، وكالأضحية، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “ضَحُّوا فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ”، فذلك لنا ولهم.
الثاني: ما ورد أنه خاص بهم وليس لنا، فهو خاص بهم، مثل قوله تعالى على لسان سيدنا موسى (عليه السلام): “فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ”، ثم جاءت شريعتنا الغراء فنهت عن قتل النفس، وفتحت باب التوبة واسعًا بالاستغفار مع رد الحقوق إلى أصحابها.
الثالث: ما لم تقم قرينة على أنه خاص بهم ولا أنه لنا ولهم، ومثل بعضهم لذلك بقوله تعالى: “قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ”، في جواز أن يكون المهر منفعة كما نص على ذلك بعض الفقهاء ، وكقوله تعالى على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام): “وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ” أي كفيل وضامن كدليل على جواز الكفالة.
والذي أميل إليه أن ما ورد من حديث القرآن والسنة عن شرع من قبلنا ولم تقم قرينة واضحة على أنه خاص بهم أو أنه لنا ولهم فإنه لا بأس بالأخذ به بشرط ألا يصادم أصلًا ثابتًا، وأن يكون متسقًا مع المقاصد العامة للتشريع، محققًا لها في جلب مصلحة أو درء مفسدة.